قراءة الناقد الأديب سليمان جمعة لنص مسوغ للأديبة
رندا المهر – الاردن
النص …مسوغ
هكذا بدأ الطريق فجأة، عندما تجنبتْ السيارات المطبات، التي حفرتْها المياه الجارية، اقتربت منه ورشقت بنطاله .. استشاط بي غضبا لما الوحل أفسد مظهره؛ صب لعناتُه عليَّ أمام الناس، تخبط بي بكل قوته في الحُفر، عاد على عقبيه للبيت، خلعني عند الباب.. وطوح بي بعيدا حتى برز لساني، عاتبتُه:
ـ تنعتْني بابن الجزمة، نسيتَ أني رفيقك في كل جولاتك.
صم أذنيه عن سماعي، دلف إلى المطبخ، رمى بضعا من الخشب في المدفأة، تناهت إلى أنفي رائحة احتراق، فأدار رأسه صوبي، صرخ..
_ اسكت، فضحتني اليوم.
_ أأخرس .. كم من لهفة سقتها لك، كم أسرار كتمتها ووو..!!!،
ضحك مستهزئا بي..
_ تكتم أسراري، وماذا عما حدث قبل دقائق من شتائم في الشارع؟
نظر إليّ.. ارتعدُ وقد طفح جسدي بالماء والوحل، كأنه رثى لحالي..
رفعني وقلبني على ألسنة اللهب؛ صرختُ:
_ ألا أمشي أينما تدب رجلك!.
رمقني ورماني أرضا، حبس أنفاسه وتطلع من النافذة إلى السماء، أردفت اذكره بتاريخي المشرف، قائلا:
_ … وأفلح بيرسوس بي في قطع رأس ميدوزا.
التفت اليًّ وقهقه عاليا:
_ أما شبه جلجامش عشتار بك تعقر لابسه…
تقلصتْ أوداجي، دبتْ فيَّ حرارة…سألته:
_ هل للحمار حذاء… ؟
أغلق النافذة.. سار إليَّ، يثرثر:
_ لسنا عنك ببعيد نحن… ثم امتطاني ضاحكا:
_ أجل للحمار حذاء..
…
مسوغ: مطية
رندا المهر/ الاردن
القراءة: بقلم الأديب الناقد/ سليمان جمعة
شخصية النص: لحظات من حياة بين حذاء(مسوغ) ولابسه ..
الواقع الجغرافي: غير مريح فالحفر تحيل على إهمال وتحيل إلى خطر وفنيا هي إبداع وسيلة هي والمياه ..لتمرد الحذاء
فرشقه بالوحل أفسد مظهره.
ردة فعل اللابس للحذاء ..غطسه في الماء وضرب به الحفر.
الصدام .. بؤرة صراع تشظي العلاقة بين واقع ومن يعيشه…
كيف يعود إلى المصالحة أو السلام بين عناصر الصراع وبين واقعهم …؟
هي حياة افتراضية مقترحة للفكرة ..
ما هي الفكرة ؟
المصارحة وكشف الداخل الذي عليه شاهد هو جزء من الشخصية كانت ترافقها في سعيها ..ثم إعادة الستارة على هذا الداخل ..
المظهر الساتر لطخه الوحل أي بما يعرف الحذاء من سلوكيات الشخصية في سيرها في واقع مهمل ..طريق وحفر ومياه جارية خارج مجراها ..
البنى المعرفية المشكلة لحركة النص:
الغضب بنية انفعالية تسمح بتدفق المخبوء بوجه المدعي.
ردة الفعل كذلك بنية كاشفة للدفاع عن الذات .وتأكيد وجود المستور..
الحوار …
بنية إنشائية للكشف الأسطوري بنية تستحضر القوى المتجاوزة للواقع والمالكة لإرادة التغيير.
عجائبية ..
ميدوزا وما تستطيع أن تسرح من شرورها ..قتلها بيرسوس
جلجامش ورفضه شغف عشتار به .كيف انتقمت بخلق وحش أرسلته لقتل جلجامش..؟
هدوء الغضب بعد المكاشفة
اللابس للحذاء ..أشفق على ذاته وذات الحذاء فجفف البلل بنار المدفأة بعد أن ألقى فيها الحطب…كأنما هي علامة لحرق ما يبس من العلاقة بينهما، فجلجامش قتل الوحش ولم يسمح بيرسوس لميدوزا أن تنشر شرها ..
إذن كل هذا الكشف الذي أظهر الذات أمام سعيها، أحرق في النار .
وأن الحذاء هو الذي امتطاه الحمار ..كحمار يحمل أسفارا ..أي دعوة إلى إعادة كل شيء إلى سريته، حيث لا يدري الحذاء بما يعرف واللابس لا يفضح..إعادة الأسرار إلى قمقمها.
ولكن هل الذاكرة التي تخففت أمام ذاتها ..”كل نفس بما كسبت رهينة”..
ستغيب ..؟ الحاضر يسير بأقدام الماضي.
طرح الاسئلة
السيارة تبتعد عن الحفرة أي لا تسقط ..
فهل ذلك ترك الشيء على ما هو عليه دون كشف الإنزعاج..أي لامبالاة بفساد واقع؟
لماذا استحضر ميدوزا من الحكاياالخرافية؟
هل الإهمال أحد أمراضها؟
هل ما انكشف من سعي لابس الحذاء يشبه ما في صندوقها ؟
هل قطع رأسها تحفيز أن يقطع رأس الشرور التي هدد الحذاء بفضحها أي أن يكون هو بيرسوس فاعلية محفزة؟
هل الحب من طرف واحد سلطة ..واجب أن نخضع لها ؟
سلطتان عشتار وجلجامش ..إذا ما رفض أحدهما الآخر يقع الصراع وينقلب الود ثورة انتقام ..
النار مطهر وقودها اليابس فما أظهره الحذاء وتلطخ به بفعل الغضب رمي فيها واحترق ..
بعد الاحتراق يسود الدفء في العلاقة وفي اقتراح الوفاق ..
فهل تجفيف الغضب وردة الفعل كافيان لإعادة السلام إلى العلاقة بين الذات والشاهد عليها الصامت الذي يرافق سعيها ..؟
هذا التشظي بينهما سببه ما سكت عنه في الإهمال حيث يدرج وفي ما اكتسب ..
إذن هو حصار الذات لذاتها بأفعال سلبية ..
كيف نفك الحصار ؟
كان تجفيف المظهر بما علق به من بلل الكلام والكشف ..والمضي كما هو الحال..
هل الكشف ما في الداخل تدمير للذات أم تطهير لها ؟
القفلة :
كانت أن يحمل الحذاء أي مستودع الأسرار حماره ..أي بعقلية لا أدري والستر أفضل ..
أي إبقاء الأمر ساريا بكل أخطائه..
كيف تكون النتيجة بهذا الهروب إلى الأمام؟
بقلم/ سليمان جمعة
التعليقات مغلقة.