موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

سبق رؤية.بقلم: عاشور زكي وهبة

270

حينما يصبح الإنسان مجرد ردّ فعل سلبي للظروف المعيشية القاسية، يتجسّد ذلك في توارد الأفعال الماضية: أيقظتني (الأم/سلطة بشرية)، دفعني (عقرب الساعة/سلطة زمنية) تعانده الجمادات (صنبور المياه) يأبى أن يمنحه رمز الحياة.
كما أن انقطاع الحلم/ الرؤيا يعقبه تشوّش الرؤية/العماص /قذى العينين، حتى أن المرآة مشقوقة أمامه، فيصعب عليه رؤية وجهه.
وتبلغ ذروة البؤس في أنه لا يستطيع أن يستخدم المرحاض اقتصادً في الماء.
تحكي لنا القصة إحدى يوميات شاب من ملايين الشباب الذين يعجّ بها عالمنا العربي من المحيط إلى الخليج.. شاب من شباب العشوائيات/ ضواحي المدن الكبرى حيث تندر الخدمات (سكن آدمي/ مياه نظيفة/ دخل مناسب/ وسيلة نقل آمنة… إلخ) يسكن مع أم يبدو أنها أرملة، لعدم ذكر الأب. تدعو الأم الابن إلى الاقتصاد حتى في قطرة الماء، يتناول إفطاره بما تبقى من عشاء الأمس، ينزلق على سلم العمارة كالزواحف، يركب حافلة (خردة) لا يجد فيها إلا موطئ لقدميه.
يطبق أقوال الأم المأثورة بحذافيرها (صوت الضمير أو الأنا الأعلى):

الرحمة تظهر في الزحمة.

احترم من هم أكبر منك سنًّا!

تحرّى جيدًا أين تضع قدميك!
صور من تكافل الفقراء/البؤساء مع من يشبهونهم أو يذكّرونهم ببؤسهم رحمةً بالمسنين، والمرضى، حتى مع مَنْ يستغلون طيبتهم/سذاجتهم مثل الشاب الذي يدّعى الصرع ليستدر شفقتهم وينقدوه عملاتهم المعدنية الزهيدة داخل الحافلة أو في الشارع.
الحافلة كالحياة حافلة بالبؤس يشبه صعودها والهبوط منها عملية المخاض من رحم الأم.
الهبوط من البيت على السلم الزلق، مخاض الصعود والهبوط من الحافلة، الهبوط من العمل الروتيني حيث الرفيق الثرثار الذي لا يكفّ عن الشكوى من مشكلات الزوجة والأولاد والمعيشة الضنكة،حتى أن السارد كره الزواج، ولم يضعه في حساباته،رغم تصنّع الأم بالبحث عن زوجة له، الهبوط إلى الشارع لتناول ما يسدّ الرمق،
مصادفته لمدعي الصرع/الشحاذ الذي يبدو حاله أكثر سعة من بطل القصة، يتناول موزة ويلقي قشرتها لينزلق السارد أرضًا ويتلقى مفاتيح الوعي من المارّة.
شاب حُرمَ من أحلام النوم واليقظة، ما أن يمسك بخيط الحلم، حتى يقطعه الوعي أو الاولي بالحاضر البائس.
لم يستطع أن يتحايل على بؤسه كما فعل الصريع.
يشبه الزواحف المنزلقة من كل مكان تلوذ به، حتى أنه آخر مرة نظر لفتاة بإعجاب رمقته بازدراء.
قمة الحرمان أنه حينما نظر إلى السماء ورأى مفتاح الحلم، حجبه عنه سرب الطيور، وتبرزت عليه، وهو الإنسان لم يستطع أن يقضي حاجته في عقر داره، ليتبين له: كم هو كريه!
الطيور تقضي حاجتها في السماء، وحُرمَ منها على الأرض. يمكن اختصار القصة في هذه الومضة القصصية:
رؤية
حُبِستْ الأحلامُ؛ تحرّرتْ الكوابيسُ.
القصة مليئة بالإشارات؛ لكن أكتفي بهذا القدر.
في الختام أحيي القاص المبدع على قصته الرائعة متمنيًا له دوام التوفيق.

الأربعاء 2024/1/24

أيقظتني من حلم ما بدأته للتو، دفعني عقرب الساعة للحمام؛ أعلم أن الصنبور أصابه جفاف منذ أيام لكني أفتحه آليا كل صباح، أتذكر أوامر أمي فآخذ من حوض الماء بشح، أنزع العماص فقط بما ابتلت يدي منه، أفرك وجهي جيدا، المرآة قبالتي مشقوقة لأراني، مع أنه لاحاجة لي بها لولا ماأحس به عليه، أما الحاجة الأخرى؛ أؤجل قضاءها في الخارج؛ يجب علينا الإقتصاد في الماء، هكذا تقول أمي.
قهوة سوداء مع قليل من حليب، خبز أدهنه بمابقي من زبدة في الصحن، أنزلق بعدها من سلالم العمارة اللزجة. في الموقف، ينتظر الركاب الحافلة الخردة، يتكوم الصاعدون أمامها وكل يمني نفسه بالظفر بمكان للجلوس، أما الوقوف فمضمون فهي تسع الكثير والرحمة تظهر في الزحمة كما تقول أمي، رائحة الأجساد لا تنبعث الآن، فهي تنتظر رحلة المساء لتتعتق، مع ذلك أشم شيئا ما ليس بعيدا عني.
بْلَعْقل..بلعقل*؛ يخاطبنا القابض وقد نتأ شاربه العلوي، الذين كانوا في الحافلة ينزلون ممتعضين منا مع أنهم لايعرفوننا؛ نفتح لهم ممرا شرفيا ذا ضيق ليخرجوا، بالكاد أصعد تاركا نصف معطفي في الخارج، أسحبه ليلحقني؛ أجلس على المقعد الحديدي كأن أحدهم أقعدني بقوة، ثم ألتف ناظرا لمن حالفه الحظ مثلي لأطمئن؛ كلهم أقل مني سنا، وإذا ماأتت عجوز أو شيخ؛ فلن أكون مجبرا على ترك مكاني لأحد، تقول أمي: احترم من هو أكبر منك سنا. أرتب نفسي قليلا من فوضى الصعود، ثم أوجه نظري للنافذة، لأعود لحلمي الذي لم أبدأه، أسمع صوت القابض الذي لم يتأخر كعادته وهو يحمل القطع النقدية في يد واحدة بمهارة( لطالما حاولت تقليده في البيت فلم أستطع، أسقطها كل مرة على الأرض فتنهرني أمي)، إن حركها فلأنه يطلب من الركاب دفع ثمن التذكرة، شاربه السفلي هو الناتئ الآن، بعد أن أسلمه القطعة المعدنية ينزع كومة “الشمة” من فمه ليرميها خارجا، يتلفظ بجملته المعتادة: تقدموا للوراء، لازال هناك متسع.
أحاول أن أخطو للخلف مستذكرا حلمي، ينزلق مني الخيط ثانية بصوت جلبة في الخلف وأصوات تنادي معا: مفاتيح، مفاتيح.. أحدهم يتخبط بعد أن أصيب بنوبة صرع، يضع رجل مفتاحا في يده، ليعود لوعيه ما إن يمسكه، تسقيه فتاة ماء، يجلسه راكب في مكانه، ثم يقوم باكيا وهو يشكو سوء الحال والفاقة، تمتلئ يده بسرعة بحديد القطع النقدية، كدت أن أعطيه لولا أني تذكرت أن كل ماعندي محسوبة وجهته.
أُدفع بقوة لخارج الحافلة متذمرا ممن يحاول الركوب، ومخاض النزول أشبه بالصعود.
يوم ممل في العمل كالعادة، أتأمل تلك الحمامة الواقفة خلف نافذة المكتب، شكلها ليس غريبا عني، يزعجني رفيقي وهو يتحدث بدون انقطاع؛ عن زوجته وأولاده ومشاكل المعيشة، لا أجد رغبة في الزواج بحديثه، أعلم أن أمي تخطط لتزويجي، سمعتها تتحدث مع جارتنا يوما عن الموضوع، أعطيها جل مرتبي كل شهر، لكني لست متحمسا للفكرة وهي الأخرى لا أجدها متحمسة، فما أجنيه بالكاد يكفينا، تقول أمي: تحرى جيدا أين تضع قدمك، لكني دائما ما أنزلق، آخر فتاة نظرت إليها باعجاب رمقتني بازدراء.
أومئ له بالموافقة على كل مايقول ليتوقف، وكلما صمت، عدت لحلمي، لكن ما إن أمسك خيطه حتى يعود لثرثرته.
أخرج لتناول الغداء، أشتري الفطيرة التي تعودت عليها؛ أرخص مايوقف قرقرة البطن. غير بعيد مني، يسقط أحدهم فجأة، يهز رجليه وذراعيه بخفة وانتظام، يهرع الناس يخرجون مفاتيح من جيوبهم، وبعدها يغدقون عليه من معدن المال، تحققت قبل أن أكتشف أنه نفسه صريع الحافلة، أحضَر بعدها موزة وجلس في المقعد المقابل لي، أرمقه بنظرة، ثم ألوح له بمفتاح البيت، يغمزني ثم يرحل.
أكمل وجبة غدائي وأسرع لألتحق بالعمل.. وفجأة أجدني ساقطا على الأرض بعد أن تزحلقت بشيء ما، أتلوى من الألم بينما يتحلق ثلاثة حولي وقد أخرجوا مفاتيحهم ليكتشفوا أني في كامل وعيي، أواصل استلقائي على الأرض، فأكتشف زرقة السماء مزينة ببياض غيم هش التكوين، تتفرق أجزاؤه ببطء، كأني شاهدته، نعم هو ذاك، ابتسم بعد أن رأيت مفتاح الحلم الذي لم أبدأه، لحظات مرت قبل أن أسمع رفرفة، يحجب السرب الضوء عني للحظات، وقبل أن أقوم من مكاني أشعر بشيء ساخن سقط على وجهي، عرفت حينها فقط لماذا كنت أفركه جيدا هذا الصباح، وتلك الرائحة التي أتخبط فيها، كم أنا كريه!

*معناها: تمهلوا

التعليقات مغلقة.