المنتخب وحشنا ٣..مجدي محمد كمال سالم
العصافير للطيران وليست للأقفاص (حسين حجازي مثالا)فمن هو حسين حجازي؟في سنة 1912 احتشد الأسبان في شوارع العاصمة مدريد لحضور الاحتفال الكبير و بتشريف الملك – ألفونسو الثالث عشر- شخصياً، ملأت الحشود استاد مدريد لمشاهدة لقاء كرة القدم المنتظر بين المنتخب الأسباني المتسلح بجمهوره وملوك كرة القدم المنتخب الأنجليزي، وما أن بدأت المباراة حتي لاحظ الدوق الأسباني أن مهاجم المنتخب الإنجليزى الذى أحرز هدفا مبكرا لا يستطيع الدفاع الأسباني ملاحقته في أي شيء لسرعته الملفتة ومهارته العالية وأنه سيساهم في فوز المنتخب الإنجليزي لا محالة، وهو ما قد حدث بالفعل، وعند تسليم الجوائز سأل الدوق اللاعب الإنجليزى مازحاً: من أي مقاطعة أرسلتك انجلترا لتلقنا تلك الهزيمة ؟ فأجابه مبتسماً: أنا مصرى – أنا حسين محمد حجازي . الإجابة التي تركت الملك وسط دهشته للحظات قبل أن يلتفت للجمع من حوله قائلاً للاعب: لو امتلك بلدكم لاعبين مثلك فلن نقدر عليكم يوماً ! لم يعرف ألفونسو حينها أنه زرع تلك الفكرة في رأس أبو الكرة المصرية، لحظة ! تقصد أن لاعبا مصريا لعب للمنتخب الإنجليزي سنة 1912 ! نعم، ولكن لا تظلمه لم يكن هناك منتخبا لمصر ولم ينظم للكرة إتحادا مُعترف به دولياً قبل 1923، ولهذا أرسلته أسرته إلى انجلترا لكي يبتعد عن كرة القدم ويدرس الهندسة، ولكن لحسن الحظ كان مسكنه الأول في انجلترا ملاصقاً لنادي لويتش هامليت الإنجليزي، والذي سرعان ما انضم لفريقه ولعب له – كأول لاعب عربي يلعب في الملاعب الإنجليزية 1911- وفي أول لقاء جمع فريقه مع الفريق الكبير فولهام وبحضور رئيس الاتحاد الإنجليزي، أعجب كثيراً بمستوى – حسين حجازى – وأرسل إلى مسئولى فولهام ونصحهم بضم هذا اللاعب لفريقهم لأنه سيوصي بضمه للمنتخب.فدعوه لمشاركتهم اللعب في مباراة – أحرز فيها هدفا وصنع أخر- وتحدى الجميع بسرعته ومهارته، ولم يكن يعلم أنه آسر بذلك قلوب الجماهير التي سترفعه على الأكتاف وتطالب بضمه إلى فريقهم للأبد بل وللعب للمنتخب ايضاً، كما قصصت عليك سابقاً، ليلعب لفولهام فترة قبل أن يعود إلى لويتش هامليت لينقذه من وعكة انتصارات، الانتقال الذي وصفه المؤرخون بالانتقال العاطفي من فولهام الكبير إلى لوتشي الصغير.وأنا أقول بملء فمي -أنه لولا الحرب العالمية التي منعته من العودة إلى إنجلترا بعد أن عاد إلى مصر زائراً لحملة شوارع لندن اسم الملك المصرى الاول للملاعب الإنجليزية – حسين حجازى – والذى سيشارك في تأسيس المنتخب المصري 1916 ويلعب للمنتخب الأوليمبي مباراة مصر الأولى تاريخياً أمام الطليان بأولمبياد بلجيكا 1920- ويظل يمثل المنتخب ذاته حتى سجل رقماً قياسياً بقي صامداً طيلة 88 عاما كأكبر لاعب في الاولمبياد عن عمر 32 عاما و225 يوم قبل أن يحطمه ريان جيجز لاعب منتخب ويلز الأشهر، حسن حجازى اللاعب الذى لعب للأهلى بعد أن لعب للسكة الحديد ثم الزمالك ويعود ليلعب للأهلى ثم يعود للزمالك لم يكن ذلك الانتقال حينها جريمة شرف يعاقب عليها فاعلها! حتى أعلن اعتزاله، لم يكن ذلك سحراً يؤثر ولا استجداء لعوالم خفاء – كانت موهبة – وجدت مجتمعها، وها نحن بعد أكثر من مئة عام نذكرها – موهبة سطرت تاريخاً في بلاد بعيدة وساهمت في نجاحات لن تنسى كما وصفها ” جاك ماكينروي” مؤرخ وكاتب عن الكرة الإنجليزية الذي خلد أسطورة – حسين حجازي- في كتاب بعنوان “حسين حجازي المصري ملك دولويتش هاملت” كأول ملك مصري لكرة القدم في انجلترا فما العجب أن امتلكنا اليوم ملكا آخر؟! سأكتفي هنا ولن أتطرق لأبعد من ذلك عن قصتهم لأنها ليست المُراد من الحديث، ولكن مجرد إشارة نؤكد بها على قدرتنا على أن نخرج تلك الطيور من أقفاصها لتحمل من نور الدنيا إلينا، أغمض عينيك وتخيل اننا نمتلك مدرسة للكرة تستطيع أن ترسل 100 لاعب بعقود احترافية إلى سماء الاحتراف الفسيحة، أن تكون هناك معادلة مغايرة لما أهلكنا عقوداً نستهلك فكرة أثبتت فشلها بكل السبل فكرة إما أن تلعب للأهلي او للزمالك أو أن تبقى هالكا.و نزيد بتلك الأمنية بيت شعر للقصيدة، كل المطلوب سبق ورأيناه و جربناه الموضوع في نقاط بسيطة رفع كفاءة لاعبي الأندية – البدلاء – لتقديم دور فعال مع فرقهم بما يسهل عملية تخلي الأندية عن صفها الأول لصالح المنتخب، وهذا لن يكون طالما لا نهتم بقطاعات الناشئين فكل شيء يبدأ هناك ويبنى على ذلك تكثيف معسكرات المنتخب وتجمعاته ومبارياته التدريبية، طالما أن الاندية ستقدم صفوة لاعبيها خلال فترات طويلة للمنتخب لأنها تمتلك البديل، كيميا الفريق عنصر هام جداً لتحقيق نتائج إيجابية ولهذا نطالب بزيادة تجمعات المنتخب ليرى عيوبه على أقل تقدير، إما كيف سنعرف نواقص الفريق أو مدي قوته! ثم تكوين – هيكل أساسي – للفريق من العناصر المحترفة ذات الخبرات الدولية داخل المستطيل وعلى الجانب الإداري والفني والطبي، الاهتمام بالوسائل التدريبية الحديثة بكل تفاصيلها من إعداد نظم تدريبيه وغذائية و استشفائية متسقة مع نظم الأندية التي يتجمع منها عناصر المنتخب – وهذه أصعب مهام الجهاز الفني للمنتخبات عموماً، ولهذا يشترط للمنصب الخبرة الكبيرة ليست فقط في الجانب الفني ولكن في الجانب الإداري، الجانب الإداري الذي نحترف إهماله و إيكاله للفهلوة . ثم دعم الفريق القومي بعناصر شابة للاستفادة المستقبلية العاجلة، ثم أن مزج الخبرات مع العناصر الصغيرة يضاعف طاقات الفريق ويرفع كفاءته و نتائجه. إنشاء منتخب مصري للمحليين بشكل ثابت ومنتظم وفتح الباب دائماً أمام لاعبيه للانضمام إلى المنتخب الأساسي
بما يجعل الكفتين في منافسة وتكالب على المراكز، الأمر الذي يدفع اللاعبين للتفاني والاجتهاد والأهم من ذلك التطور الدائم والابتكار . واخيراً وليس اخراً ولن يكون للحديث عنه يوماً اخرا، وهو الآفة الكبرى – كيفية تنظيم المسابقات المحلية – كيف تنظم وأى هدف نرجو من ذلك التنظيم ؟ لعلنا نصل لجواب عن ذلك في مقالتنا القادمة.
التعليقات مغلقة.