:
القصيدة …شعر : فولاذ عبدالله الأنور
لي وردتانِ علىٰ جِدار البيتِ ،
واحدةٌ لأمي وهْي تبكي موتَ طفلتهاٰ ،
وأخريٰ للحبيبةِ ، قبلَ أن تأتي ،
أنا البصرُ المُهاجرُ مِن مكاني ،
دون أن أدري ،
أنا القدَرُ المُسيّرُ بالكلامِ على اللسانِ ،
بدون معرفةٍ ،
أنا السببُ المباشرُ في احتلال الليلِ للأيامِ ،
فوق أريكةِ الأحلامِ مِن حولي ،
ولاٰ أدري ،
مضَت حِقَبٌ على الوردِ المعلَّقِ في عيوني ،
كالقلائدِ في المعابدِ ،
والقصيدةُ بعدُ حُبلىٰ بالأوابِدِ ،
لم تعد تأتي طواعيةً ،
ولاٰ تأتي غِلاباً ،
إنما تجتاحني إِن غِبتُ عن حَولي ،
وجرَّرني إلى الرؤياٰ منامي ،
حيث لاٰ ضوءٌ صريحٌ ،
أو ظلامٌ واضحٌ ،
بل شُكلةٌ بين التراجعِ والإقامةِ ،
غيهَبٌ متردّدٌ بين الإضاءةِ والقَتامةِ ،
هاٰ هناٰ ،
لا الضوء مُنتشرٌ ولا الإعتامُ مُبتسِرٌ ،
ولكنْ بينَ بينَ مِن الحقيقةِ ،
والتّحرّي ،
هاٰ هناٰ ،
لا الهمس منغلقٌ ولا الإفصاحُ منطلقٌ ،
فلاٰ صوتٌ ولاٰ صمتٌ ،
ولكن بينَ بينَ من التكلّمِ والتلقّي ،
ربماٰ راقصتهاٰ بين النخيلةِ والظلالِ ،
ومِلتُ في دورانهاٰ ،
فأدرتُ مِعصَمَهاٰ علىٰ وقعِ التوقّفِ والتخطّي ،
وانتقال الوضعِ في الإيقاعِ ،
من حالٍ لحالٍ ،
إنما المأخوذ في الرؤياٰ ،
مُسيّرةٌ خطاهُ مِن الركونِ إلى التّرقّي ،
ربماٰ هَربَت ، إذا استيقظت مِن رؤيايَ ،
وانفتحَت على الدنياٰ جفوني ،
وانتبهتُ إلىٰ قعودي ،
أو قيامي ،
ربما اقتربَت قليلاً من ضلوعي ،
ثم ماٰ لبثَت أنِ اغترفَت من الأشجانِ ،
في صدري ،
ولم تلبث أنِ ابتعدَت ، وغابَت ،
عن مَرامي!
ـ كلميني ياٰ “أنيسةُ” ،
ربماٰ رقّعتُ شِعري بالقطيفةِ مِن كلامكِ ،
أو رتَقت شَغاف قلبي ، بالمَلامةِ في خطابكِ ،
أو رضيتُ ببعضِ قولي في عيونكِ ،
وانظريني ،
هٰذهِ الأيامُ تجري بي علىٰ عجلٍ ،
وتمنحني القليلَ مِن المؤمّلِ ،
ريثماٰ أُنهِي الكثيرَ مِن المؤجلِ مِن غرامي ،
ـ كلميني ياٰ “أنيسةُ” ،
موكِب الأيامِ يجري بي إلى القَدَرِ الذي ،
يجري علىٰ قلمي ،
ويُوقفني علىٰ طرَفِ الكريهة ،
أو على الهدَفِ الأخير من النِزالِ ،
بلا افتداءٍ للأسيرِ ، أو انفضاضٍ للسجالِ ،
مضَت قوافلُهم وفاتوني ،
علىٰ كَنَفِ الحيازةِ بين أشباح الليالي ،
وابتهالاتِ الخيالِ ،
ـ تراكمَت حِقَبٌ على الوردِ المعلَّقِ في عيوني ،
كالقلائدِ في المعابدِ ،
والقصيدةُ بعدُ حُبلىٰ بالأوابِدِ ،
ـ كلميني ياٰ “أنيسةُ” ،
واكتفي بالصمتِ مني ،
لنَ أجيبَ علىٰ سؤالكِ ،
أو أتابعَ جملةَ المغلوطِ في عينيكِ ،
إن همَّت شفاهكِ بالتحفّظِ ،
في كلامكِ ،
لن أراجعَ كَشطةَ المخطوطِ إِنْ ،
غيّرتِ حرفاً في كتابكِ ،
هاٰ هناٰ أتنفس الصعداءَ بين يديكِ ،
مكتشفاً غموضَ الكون في عينيكِ ،
ـ دون تحقّقِ الأصواتِ والأصداءِ ـ
مِن قَدَرٍ يزايلُني ،
إلىٰ قَدَرٍ يخايلني ، يُطيحُ بماٰ أريدُ ،
ولاٰ يُتيحُ لوِجهتي غيرَ التنقّلِ ـ
في بساتين الغياهبِ أو ،
فساتينِ الظلالِ ـ بلاٰ دليلٍ أو مثالٍ ،
كلميني ياٰ “أنيسةُ” ،
وردتانِ علىٰ جدار البيتِ ، داميتانِ :
واحدة لأمي وهْي تبكي موتَ طفلتهاٰ ،
وأخرىٰ للحبيبة قبل أن تأتي.
التعليقات مغلقة.