الوحش الكاسر … خاطرة بقلم/ خلود أيمن
القلق هو ذاك الوحش الكاسر الذي يُهاجمنا وكأنه يقتص منا على جُرم اقترفناه من قَبْل ، إذْ يظل يطاردنا ويلاحقنا طوال الوقت دون أنْ يدعنا وشأننا وكأنه ينوي القضاء علينا ، نحاول الفِكاك منه بكل ما استطعنا من قوة ولكن هيهات فهو يملُك مساحة تملُّك أكبر من قدرتنا على التملُّص منها ، نَحيد عن طريقه فيعود إلينا بكل جَرأة ، يمسك بتلابيب آمالنا ليقضي على آخر جزء متبقٍ منها ، لا ندري كيف يمكن الخلاص من أَسْرِه ، ذاك السجن الملعون الذي نُحبَس فيه رُغماً عن إرادتنا وما بيدنا حيلة للخروج منه بكل مهارة وسهولة كلِص يختلس بعض الأموال ويُجيد الفرار وكأن شيئاً لم يحدث ، ولكن تظل تلك المخاوف تُضيِّق علينا الحِصار فيزداد القلق داخلنا رويداً رويداً إلى أنْ يتملكنا ويَسلب منا أفضل جزء من شخصياتنا بفعل ألاعيبه التي تحاوطنا طوال الوقت ، بحيث نصبح باهتين ، شاحبين ، منطفئين ، غير قادرين على المُضي قدماً في الحياة وكأنه كُتِب علينا العيش في قوقعة ذاك القلق للأبد ، فكلما شعرنا بالنجاة نجد أننا نسقط في أعماقه أكثر وأكثر حتى نغرق تماماً بلا قدرة على الخلاص فتكون حياتنا بهذا الشكل قد انتهت بالفعل ، فالقلق حقاً أمرٌ موحش ينغِّص الحياة ويجعلها كئيبة رتيبة ويُفقِد صاحبها رغبته فيها بمرور الوقت ، فلا بد من تحجيم أي مشاعر تنتابنا من حين لآخر حتى لا تكون تلك مصائرنا التي لن نتمكن من الهرب منها ولو بذلنا كل المحاولات المستميتة من أجل الحفاظ على رِتم حياتنا دون أنْ تنهار بغتةً بلا قدرة على استعادة نشاطنا وحيويتنا مرة أخرى …
التعليقات مغلقة.