موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

حبّةُ نسيان … قصة قصيرة بقلم / ربيع دهام

84

“أنتَ تنسى”.
هذا ما قاله لي الدكتور سعيد مجاعص لمّا زرته في عيادته بشارع تركي ببرج حمود، يوم 7-7-2022،
في تمام الساعة 4:23 مساءً.
طبعاً، قد يسألني سائلٌ:
“كيف تذكر العنوان والتاريخ والاسم وأنت، كما قال الدكتور، تنسى؟”.
أجبت صديقي السائل من دون تردّد:

أركاليون فورت

ماذا؟!، سألني مشدوهاً.

آه. هو دواء لتنشيط الذاكرة.
ويهزُّ السائلُ رأسَه متفهِّماً ويقول:

وكيف عرف أنّك تنسى؟ عبر جهاز تصوير بالرنين المغناطيسي؟

لا، أجبته.
حثَّ دماغه على العمل وقال:

عبر صورة بالأشعّة السينيّة؟

لا

عبر التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني؟

لا
صمت قليلاً. حكَّ جلدة رأسه بسبّابة يده اليمنى، ثم خمّن:

عبر تصوير طبِّي بأشعة غاما؟

لا

عبر موجات فوق صوتيَّة؟

لا

عبر التصوير البشري المنتشر؟

لا
وفيما راحت تطفو على وجهه رويداً رويداً علامات الاستسلام المضطرب، ضربَ المنضدة بقبضته الحديديَّة وصاح:

كيف عرف إذن؟!
بكل هدوءٍ أجبتُهُ:

حين دخلتُ العيادة ووقفت أمام الدكتور، سألني:
“ممّا تشكو؟”. فتسمّرتُ أمامه مثل التمثال الأبله.
قاطعني صديقي السائل قائلاً:

هذا ما أعرفه. قُل لي شيئاً لا أعرفه.

تقصد عن زيارتي للدكتور؟

لا. أقصد عن كونك أبلهاً، أجابني.
رمقته بنظرةٍ ساخرة، ومن دون اكتراثٍ أكملتُ قصّتي:
المهم. تسمّرت أمام الدكتور أحاول أن أستذكر السبب الذي أتى بي إليه. ولمّا عاد وطرح الدكتور عليّ السؤال: “ممّا تشكو؟”، قلتُ له: “نسيت!”.

نسيت؟، صاح صديقي متعجّباً. ثم كرّرها صاعداً بصوته درجات السلّم الموسيقى كأنّه عدّاء في القفز العالي: “قلتَ له نسيت؟!”.
أومأت برأسي إيجاباً.

ولهذا أعطاك الدكتور ذاك الدواء اللعين؟، سألني.

نعم، قلتُ له.

وماذا الآن؟، سألني صديقي.
لم أفهم السؤال:

ماذا تقصد؟، سألته.
أجابني بنفاذ صبرٍ:

كونك قد شفيت من داء النسيان، لماذا تريد الذهاب غداً إلى الدكتور؟
أجبته:

لأنني أحتاج الدواء

دواء؟! لكنك قلتَ لي أنّك شفيتَ من داء النسيان.

نعم شفيت. ولهذا أريد الدواء
كزَّ صديقي على أسنانه، ثم أطلق العنان لثيران حروفه الهائجة:

أحلف بالأنبياء بالقدّيسين. بالجنّة بالبرزخ، بجهنّم الحمراء. لم أفهم منك شيئاً! كيف تريد دواء لتتذكّر وأنت لم تعد تنسى؟!

ومن قال لك إنّي أريد الدواء لأتذكّر؟، سألتُه.
لطم خدّه بكفَّ يده ثم أجابني:

أنتَ. أنت قلتَ ذلك!

لكن أنا لا أريد دواء لأتذكّر

ماذا تريد إذن؟، صرخ بوجهي

أريد دواءً لأنسى، قلتُ له.

لتنسى؟! تريد دواءً لتنسى؟ لماذا؟
صمتُّ قليلاً محاولاً حبسَ دمعةٍ كانت تطفو في مقتلي:

توفيّت أمي…، قلتُ لصديقي.

التعليقات مغلقة.