موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

عزوز وبعزق … قصة بقلم محمد كمال سالم

137

خيطُ الضوءِ الأبيضِ راحَ يتَّسعُ وينتشرُ إيذانًا لميلادِ يومٍ جديدٍ، وإبراهيم باشا ينتصبُ في وسطِ الميدانِ منذُ عقودٍ، يُشيرُ بسبابتهِ إلى مجهولٍ.
يشقُّ جرسُ الترامِ رقم اثنين سكونَ صمتِ الصباحِ، عربةُ رشِّ الماءِ قادمةٌ من شارعِ فؤادَ، في اتجاهِ ميدانِ الأوبرا الذي بدأ يتثاءبُ ويلفظُ السياراتِ إلى نهرِ الشارعِ على استحياءٍ.
الطريقُ يخلو من المارَّةِ إلا من عزوزَ كان يبحثُ عن صديقهِ ورفيقِ عمرهِ بعزقَ حتى وجدهُ يتكوَّمُ على أولِ درجةٍ من سلمِ كازينو صفية حلمي.
تنفسَ الصعداءَ، فقد كان يبحثُ عنهُ منذُ ساعاتِ الفجرِ الأولى، في كلِّ الأماكنِ التي يعرفُ أنهُ يرتادها، وقف أمامهُ للحظةٍ، لم يلتفتْ إليهِ بعزقُ ولم يرفعْ رأسهُ ليرى من يقفُ فوقَ رأسهِ، فقد عرفهُ من ساقهِ القصيرةِ وبوز حذائهِ المدببِ المقعوسِ إلى أعلى، كحذاءِ بهلولَ البهلوانِ، ثم من سيبحثُ عنهُ أصلًا في هذه الدنيا إلا عزوزَ.
استدار عزوزُ وجلسَ إلى جوارهِ على نفسِ درجةِ السلمِ:
_ انشغلتُ عليكَ وخفتُ أن يكونَ حدثَ لكَ مكروهٌ، وتركتُ زوجتكَ تجلسُ أمامَ البيتِ هناكَ في الحارةِ وقد كشفتْ عن رأسها وراحتْ تدعو عليكَ (تروماي اتنين يدهسكَ يا بعيد).

التفتَ بعزقُ ينظرُ إليه بنصفِ عينهِ مغتاظًا، بينما انفجرَ عزوزُ ضاحكًا ليكسرَ حاجزَ سكونِ الصباحِ الباكرِ، ثم تنحنحَ صامتًا خوفًا من غضبِ بعزقَ عليهِ، ويستطردُ:
_لقد جفَّ ريقي، ونصحتكَ كثيرًا منذُ خرجنا طفلين صغيرين وحيدين من المؤسسةِ، من يومكَ وأنتَ جامحٌ تميلُ إلى الشقاوةِ وعدمِ الاستقامةِ، ألفُ شغلانةٍ وعملٍ كلما امتهنَّاها لا ألبثُ أنظرُ جواري إلا وأجدكَ قد هربتَ وعدتَ لجموحكَ وشرودكَ، أنا تعبتُ منك، يعاودُ بعزقُ النظرَ إليه بنصفِ عينٍ مغتاظًا، يهمُّ أن ينفجرَ غاضبًا فيه، لكنه يتمالكُ غضبهُ ويعودُ ينظرُ إلى الأرضِ ويضربُها بإحدى قدميهِ.

تقتربُ عربةُ الرشِّ منهما تغسلُ نهرَ الشارعِ، يتدحرجُ عزوزُ على درجِ السلمِ لأعلى متجنبًا أن يطالهُ ماءُ الشارعِ المحملُ بالترابِ، بينما بقى بعزقُ مكانهُ غيرَ عابئٍ بما يطالهُ منها.
_ اطلع هنا إلى جواري ألا تخشى أن تتسخَ ملابسكَ فتزيدَ سخطَ (دوسةَ) ثم يكتمُ ضحكةً كاد أن يجهرَ بها، فيقومُ بعزقُ مندفعًا نحوهُ رافعًا قبضتهُ يريدُ أن يلكمهُ، يتكورُ عزوزُ تحتَ ساعديهِ:

_ خلاص خلاص ماتزعلش…
أنا خائفٌ عليكَ، نحنُ حمدنا الله أن وفقنا وأكرمنا بعد أن كنا ضائعينَ مشردينَ وتزوجنا وأنجبنا، أقلعْ عن شربِ الخمرِ وتعاطي الأقراصِ المخدرةِ واستقمْ معي في الشغلِ، ألا تتعلمُ من أخطائكَ، ألا تسمعُ الكلامَ.

يلتفتُ إليهِ بعزقُ غاضبًا صارخًا فيه: أي حياةٍ نعيشها كالجرذانِ في شقوقِ الحاراتِ تتحدثُ، ألا ترى الناسَ حولكَ، ألا ترى العماراتِ والسياراتِ، وأي عملٍ تتباهى وتقولُ شغلًا، أي شغلٍ في السيركِ نجوبُ البلادَ معهم حيارى جائعينَ نتسولُ القروشَ من أناسٍ قساةِ القلوبِ، أم هذا الكازينو الذي يستأجرنا ويلبسنا طرطورًا أحمرَ أطولَ من قامتنا ونظلُ نتنططُ كالبرغوثِ طوالَ الليلِ هذا يتنمرُ وهذا يوكزنا وهذا يضربنا، اذهبْ عني واتركني لحالي، روحْ ارغي مع دوسةَ وافتنْ عليَّ وقلْ لها سكيرٌ لا يستحقكَ.

_ أنا أفعلُ هذا مع صديقِ عمري، ألا تعلمُ أنكَ تروحُ كل ليلةٍ تترنحُ، ألا تشمُ هي رائحتكَ تنضحُ من فمكَ وملابسكَ وقد ضيعتَ أجرتكَ من العملِ؛ وماذا تريدُ أن يعملَ قزمان طولهما شبرٌ ونصف؛ مأمور كراكون يا خي؟!
إخص عليكَ سكيرٌ لا يطمرُ فيكَ المعروفُ.

يهمُّ بعزقُ بالقفزِ على عزوزَ يتعاركا: _ أنا لا يطمرُ فيَّ معروفٌ يا قزمٌ، ينهال عليه ضربا.
_ أنتَ واطي يا ابنَ الأقزامِ لن أعرفكَ بعدَ اليومِ…

يتصارعا يصرخا، يتجمعُ المارةُ يتفرجون، يتدحرجا ببدنهما القصيرِ على سلمِ الكازينو، يعضُّ بعزقُ عزوزَ عضةً كبيرةً في كتفهِ يصرخُ على أثرها بينما يضحكُ المتفرجون ويصفقون، يلقون عليهم بعض قروشهم.

التعليقات مغلقة.