الثانوية العامة.. من الجاني ومن الضحية؟ مقال بقلم /عصام فاروق
لا حديث في البيوت المصرية ووسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي يعلو على الحديث عن الثانوية العامة والامتحانات واختلاف مستوى كل امتحان ورأي الطلاب، وما يحدث بين المعلمين من اختلافات على إجابة السؤال الواحد.
تعيش البيوت التي بها طالب أو طالبة ثانوية عامة حالة تشبه المعسكر، فضلاً عن الاستنزاف المادي الذي تعانيه الأسر طوال العام في الدروس الخصوصية والسناتر وحصص الدراسة عن بُعد (أونلاين).
إذا وقف أحدنا أمام إحدى لجان الثانوية العامة يتابع الموقف بعد انتهاء أي امتحان؛ فسيجد العجب العجاب، خاصة إن كانت لجنة بنات، حيث سيجد طالبات يخرجن مبتسمات يرين أن الامتحان كان سهلاً، وسيجد أخريات يخرجن باكيات بشدة يرين أن الامتحان كان صعبًا ويحتاج إلى عقلية متميزة، وقد يجد طالبة تسقط مغشيًّا عليها لشعورها بالفشل في حل طلاسم الامتحان من وجهة نظرها، بعكس أغلب الطلاب الذين لا يشغلون رؤوسهم كثيرًا بمستوى الامتحان.
وأمام اللجان تجد الأمهات جالسات من بدء اللجنة حتى نهايتها ينتظرن بناتهن لتكون الأم أول من يعرف مستوى الامتحان من وجهة نظر ابنتها وزميلاتها، فتدعو لواضع الامتحان أو تدعو عليه.
تتحدد صعوبة الامتحان أو سهولته حسب فهم الطالب للأسلوب الجديد الذي تتخذه الوزارة وتوجِّه مستشاري المواد الدراسية إليه، وفهم الطالب يأتي من فهم المعلم الذي تلقى على يديه دروسه، والذي يجتهد بدوره للوصول إلى ذهن واضع الأسئلة ويعطي عددًا لا حصر له من الأسئلة المتنوعة من امتحانات الأعوام السابقة ونماذج الكتب الخارجية ونماذج الوزارة؛ ليكون قد غطى المنهج بكل الأسئلة المتاحة، وعلى الجانب الآخر يبحث واضع الامتحان عن أسئلة تخرج عن نطاق كل هذا ليفاجئ الطالب ومعلمه على السواء، وليكسر أسطورة الألفاظ النمطية التي يستخدمها معلمو السناتر والمدونة على الحوائط في الطرقات وكأنها أفيشات أفلام “اضمن كليات القمة مع وحش (أو أسطورة أو نجم) مادة ……”، وغيرها من تلك العبارات الرنانة التي ينخدع بها ولي الأمر والطالب معًا فيتجمع الآلاف حول هذا المعلم أو ذاك.
الصراع محتدم بين معلمي السناتر وواضعي الامتحانات، ولكن مَن ضحية هذا الصراع؟ وأين وزارة التربية والتعليم من هذا الصراع؟
هل الضحية هو الطالب الذي اختار معلمًا شهيرًا ذائع السيط في مادته ليحضر معه، مهما كان العدد الذي يحضر معه (رغم أن الشكوى في المدارس كانت من عدم قدرة الطالب على الاستيعاب وسط عدد كبير من الطلاب)، وقد يكون التواصل بين المعلم والطالب في السنتر عن طريق شاشة عرض؛ لكثرة أعداد الحاضرين وعن طريق شباب عيّنهم المعلم ليكونوا همزة الوصل بينه وبين الطلاب؟
أم أن ولي الأمر الذي يساعد ابنه على أن يختار معلمًا حسب الشهرة دون أن يبحث بنفسه عن معلم كفء قادر على توصيل المعلومة، أم وزارة التربية والتعليم التي غضّت الطرف عن انتشار السناتر وتعملق معلميها وسيطرتهم الكاملة على عقول أبنائنا؛ حتى أصبحنا نرى خريجي كليات الطب والعلوم والتجارة والحقوق يمتهنون التدريس ويجمعون الطلاب في مجمعات كبيرة كقاعات بفنادق أو ملاعب دولية لإعطاء حصة مراجعة يجمع منها ملايين الجنيهات من دماء أولياء الأمور، وكذلك غضّت الطرف عن خراب المدارس وعدم قيامها بالدور المنوط بها، فأصبحت المدرسة مجرد مكان يسجّل الطالب فيه اسمه، ويدفع المصروفات المطلوبة وغرامة الانقطاع، ويضمن بذلك وجوده في لجان الامتحان في نهاية العام؟
أعجزت وزارة التربية والتعليم بكامل هيئاتها عن إيجاد الحل الرادع الذي يعيد العملية التعليمية إلى نصابها؟
وإذا كان الأمر كما صورناه، فمن الجاني ومن الضحية في هذه الصورة الهزلية؟ أجيبوا أنتم بالله عليكم واقترحوا حلولاً تعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي، لنجد في النهاية مخرجات سوية صالحة لبناء مجتمع سوي وننتهي من “بعبع” الثانوية السنوي.
التعليقات مغلقة.