الإخراج الفني في النص القرآني.بقلم.مجدى سالم
“حياة موسى” على شاشة القرآن.. ( 11 ).. في نسب موسى وبدء رسالته..
بين موسى وفرعون وبني إسرائيل.. في سورتي الأنعام والأعراف..
أولا.. في سورة الأنعام.. يقدم سبحانه وتعالى للدارس مقدمة عن اتصال نسب الأنبياء.. من ظهر سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام.. وعن توارث ذريته للرسالة والهداية.. ويذكر رسولنا صلى الله عليه وسلم بما كان من هدي من سبقه من الأنبياء.. وعن سيدنا نوح وقد سبقهم بالتقوى..
وعن درجة من تقوى الله هي درجة الإحسان.. اقرأ .. من سورة الأنعام – الآية 84..
” وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ .. وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ .. وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ .. وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ”..
وتذكر الأنعام – الآية 91 موسى عليه الصلاة والسلام مرة ثانية.. وتذكر بالكتاب والرسالة التي جاء بها.. إنها نعمة إتصال السماء بالأرض في فجر تاريخ البشر وأبناء آدم وذرية نوح في الأرض.. لكن الكافرين ينكرون ما جاء به الأنبياء من الصدق.. وما قدروا الله بما يستحق من الإيمان والعبادة ومن التقوى:” وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ ۗ
قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَىٰ نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ ۖ
….. تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا ۖ .. وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُوا أَنتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ ۖ …..
قُلِ اللَّهُ ۖ … ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ”..
وتلخص سورة الأنعام – الآيات (154 – 157) ما تقدم فيها.. وعن عاقبة المكذبين للكتاب..
…. “ثُمَّ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ .. وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (154) ….
….. وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155) ….
أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (156) ..
أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ .. فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ..
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا .؟
…. سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آَيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ (157) ….
ويلحظ الدارس أن القرآن يقدم الهدف النبيل من الكتاب على أحداث القصة.. إن كتاب موسى كان هدى ورحمة للعباد.. هكذا كل الكتب السماوية تهدي إلى الحق وإلى عبادة الله.. وهي تتوعد كل من كفر.. بل ودعا غيره إلى الكفر.. تتوعد كل من انحرف وصدف عن آيات الكتاب بأسوأ مصير.. فلهم حياة شاقة بئيسة.. ولهم نار جهنم ويئس المصير..
ثانيا.. بين موسى وفرعون وبني إسرائيل.. في سورة الأعراف..
تقدم أدوات الإخراج العظيم في سورة الأعراف فصولا في “حياة موسى”.. فتارة نرى الأحداث تجري في موضع ثابت وكأنها مسرحية قوامها الرئيسي هو الحوار.. وتارة تطير الكاميرات السينمائية خلف الفارين بدينهم.. تتبعهم جيوش فرعون وحاشيته.. ويتخلل الأحداث عرضا تليفزيونيا للدعاية لفرعون وإعلانات للعامة تحذر الناس من تصديق موسى والأخذ بدينه.. تبدأ الأعراف من بلاط فرعون وكأنها تقدم القصة من منتصفها إلى فرب نهايتها.. فلم تعرض لطفولة موسى.. إن الأعراف تعنى بما كان في بلاط فرعون.. وما كان مع السحرة.. وتقدم ردود أفعال فرعون وملئه وعنادهم وتكبرهم وكفرهم عندما ابتلاهم الله بالآيات وبالمعجزات.. ثم في عبور موسى وبني إسرائيل البحر وغرق فرعون وجيشه وحاشيته.. ثم تعرض لما كان من بني إسرائيل مع موسى وهارون في سيناء واتخاذهم العجل.. ثم في كفرهم بنعم ربهم عليهم وما كان منهم في القرية التي أدخلهم ربهم فيها..
المشهد الأول.. في بلاط فرعون.. بين موسى وفرعون وملئه..
…. ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ.. فَظَلَمُوا بِهَا.. فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103) ….
وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104) حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ.. قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105) ..
قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) ..
….. فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) …..
قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110) …
قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112) …..
المشهد الثاني.. إحدى الساحات المفتوحة.. بين موسى والسحرة بحضور جمهور غفير..
وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) ..
قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114) ..
قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115) ..
قَالَ أَلْقُوا ….
….. فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) ….
وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) ..
…. فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) .. فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) ..
…. وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120)….
قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122) ..
قَالَ فِرْعَوْنُ آَمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123) .. لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124)..
قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (125) .. وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِآَيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا ..
رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126) ..
وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ .؟
قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127) …..
نكمل في الحلقة القادمة إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.