موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

” السوسيودراما …بين رمزية الشخوص وإبداع الحوار “…نقد وتحليل المسرحية الشعرية” أوليفيا ” للشاعرة / د.ريهان القمري ..نقد وتحليل/ أسامــة نــور

1٬126


اتخذت الشاعرة الشكل العمودي؛ ليكون وسيلة الحوار بين الشخوص ، وقد جاء على لسانها أيضًا بوصفها راوٍ للأحداث
والتزمت الشاعرة بوزن واحد ،وقافية واحدة ….فقد اعتمدت على ” بحر الرمل “بموسيقاه السلسة الرائقة
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن …فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
مع استخدام الزحافات والعلل المناسبة لهذا البحر.
وبحر الرمل من البحور الصافية ..ويتسم بالموسيقى العذبة الشجية المتناغمة ..وحرف الروي الهمزة الساكنة قبلها ألف التأسيس ، ومخرج الهمزة أقصى الحلق ويحتاج إلى زفرة قوية للنطق به ..مما يوحي بالمعاناة الحياتية ..والصراع الداخلي للشخوص …ومن صفاته:- الشدة ..الجهر ..الانفتاح ..الاستفال
ونجد ذلك في قولها:-
بظلام كان عرسًا باطلاً
في حضور الوافدين الوكلاءْ
بارك الكل اغتصابًا آثمًا
بزواج بين شيطان الرياءْ
وملاك يتلألأ ثوبها
بدموع القهر تكسوها الدماء
وابن عم كاتم صيحاتها
بافتراء مانع عنها الهواء
وابن خال في قيود صامت
يشهد الجرم بذل وانحناء..
وحبيب أمطروه وابلا
من سهام الغدر صبحًا ومساء

نجد وحدة الوزن والقافية ، ودقة الوصف لحالة الشخوص ، ودقة الألفاظ ورقتها ، والألم والحسرة وعمق الجراح خلفية للأبيات ..وكأننا أمام رسم ينطق بما تخفيه المشاعر وتكنه الصدور ..
امتزاج الوصف بالصورة بالرمز في معالجة الحوار للأحداث ؛ حيث نستكشف من خلاله رمزية كل شخصية وصفاتها ؛ليسير العمل نحو التصاعد الدرامي في وحدة فنية وعرض سلس شيق للأحداث دون فتور أو ملل ..
ورغم وحدة الوزن “بحر الرمل “
نجد أن الإيقاع يختلف بين السرعة والهدوء ؛ ليتناسب مع الحالة الشعورية للشخوص ، فالشعر المسرحي لا يعبر هنا عن حالة كاتبه أو رؤيته إنما يعبر عن حالة الشخوص ورؤيتهم وصراعهم وأطماعهم ..
وتتجلى رؤية الكاتبة فيما وراء العمل كلية .والهدف منه ..ومدى تأثيره على القراء والجمهور ..ومدى تفاعلهم مع الشخوص ..
ونجد ذلك في قول( مايير ) الذي يعكس شخصيته ونجد الإيقاع السريع والثقة :

عالمُ الإنسانِ هذا لعبتي
دورةٌ بين غباءٍ وذكاء
والقوانين بمرمى ركلتي
ويدي فوق فتاوى الفقهاء
ويقول أيضا :-
أصنعُ الحرب كحلٍّ جاهزٍ
يشترون السيف مني والعزاءْ
حربُهم تجثو على أرواحهم
بعد أن كان عليَّ الإعتداء ْ

يعتمد الشعر المسرحي على مقومات أساسية هي : الشخوص ..الحوار ..المكان ..الزمان ..
ونرى أن مسرحية “أوليفيا” ” تاريخية واقعية ” تأخذ نهج السوسيودراما حيث حالة الشخوص النفسية، وتعاملهم ومدى تأثير ذلك على الواقع ..من أجل التوعية والاستبصار
حول قضية مجتمعية..ويمثل الشخوص أنماط ذلك المجتمع
وتعتمد الإضداد والصراع .
كما تبحث في تاريخ المأساة وأسبابها ودور الشخوص فيها
وبين معالجة الواقع المتردي في محاولة لاستفاقة تمحو الألم
ويظهر في نهاية المسرحية حيث عودة إرنستو ..وانتصار الخير في النهاية فهي تعمق الأمل ، وهذا ما يجب أن يكون ..
اتخذت الشاعرة لشخوصها أسماء يحمل كل اسم دلالة ورمز يتسق مع التاريخ والواقع ..حالته الإنسانية ودواخله ..
فنجد :
-“أوليفيا ” العروس التي تؤخذ من زوجها وتجبر على الزواج بآخر ..ومعنى أوليفيا شجرة الزيتون ..ويرمز الاسم لفلسطين
-“مايير ” الذي يسلب أوليفيا من زوجها ويحاول الزواج منها ويرمز للكيان الصهيوني ..وهو الفعل المباشر
-إرنستو “زوج أوليفيا الذي اختفى وهو رمز للشعب الفلسطيني ..
-” آرثر ” الكاهن الذي يعقد الزواج الباطل بين أوليفيا ومايير وهو يرمز إلى “آرثر جيمس بلفورد “وزير الخارجية البريطاني في ذلك الوقت الذي أعطى وعدًا لليهود بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين ..
-العمة “صوفيا ” عمة مايير وآرثر ..وهي رمز لأمريكا وهي الفعل غير المباشر لكنه المؤثر ..
-“إيرين” ابنة أوليفيا وإرنستو .رمز للحب والسلام
-“إيليا” توأم إيرين وهو رمز للثأر واستمرار النضال
-“فيكتور ” ابن خال أوليفيا وصديق إرنستو وهو رمز الحماية والوفاء
-بانثر أخو إرنستو لكنه رمز للغدر والخيانة ..
ونجد هنا أن لكل شخصية رمزيتها ..وفعلها المباشر أو غير المباشر ..
اختيار الشخوص وأسمائها كان دقيقًا و يسير في متن الأحداث ويعمق الصدق والصراع ، والحبكة الدرامية ، البعد التراجيدي للعمل ..والنهج السوسيو درامي
فالنص هنا يعالج سلب الأرض الحرة من قبل الكيان الصهيوني ..بوعد من وزير خارجية بريطانيا ..ومباركة ودعم كلي من أمريكا ..
ومحاولة طمس التاريخ وتزييفه ..ويظهر ذلك في رمزية “الخاتم “..الذي يمثل خاتم الملك ..واستمرار الواقع المؤلم ..

ونجد الوفاء والإخلاص في “فيكتور” ..في مقابل الخيانة والغدر من ابن العم” بانثر “


كان للراوي دور وهو الذات الكاتبة للعمل ..ولكنه دور شفاف” فلم يقحم نفسه ليظهر بدور الواعظ ..أو الحكيم ..
وإنما كانت الحكمة والموعظة في ثنايا النص والحوار فكان هذا أوقع وأجمل
وتبدأ المسرحية بالحديث عن زواج باطل ..إذن فهذا الزواج ( اغتصاب الأرض ) هو محور الأحداث :

بظلام كان عرسًا باطلاً
في حضور الوافدين الوكلاءْ
بارك الكلُّ اغتصابًا آثمًا
بزواج بين شيطان الرياءْ
وملاك يتلألأ ثوبها
بدموع القهر تكسوها الدماء

ثم تأتي المسرحية فى” ثلاثة فصول ” حيث جاء الفصل الأول بعنوان” مايير “
يتحدث فيه (مايير ) إلى (أوليفيا) بصلف وغرور ،متفاخرًا بقدرته على التلاعب ،واستخدام الآخرين أداة؛ لتحقيق أحلامه ،فهو يستغل غباءهم ،طمعهم ،جهلهم و تفرقهم فيعرف كيف يصطاد فريسته ويعد لها الشرك المناسب لها ..
فيقول :-
ما احتراق الجفن هذا حلوتي
ينبري منه عنائي والشقاء
أنت ملكي بزواج مثبت
في الأناجيل وسفر الأشعياء
ثم يقول :-
عالم الإنسان هذا لعبتي
دورةٌ بين غباءٍ وذكاءْ

ترفض (أوليفيا ) هذا الزواج ..لأنه غير شرعي ..
فتقول :-
لن تمس الثوب مني لحظة
بيننا درب محال الابتداء

ونجد في مشهد آخر الكاهن آرثر وهو يحاول إقناع أوليفيا بهذا الزواج فتجيب أوليفيا :

إنني زوج وزوجي ذائب
في ثنايا الروح مني والهواء

هنا تظهر العمة صوفيا ونجد لغة المكر والدهاء ، فتحمي الظالم وتدعمه ،وتستغل غباء وجهل الآخرين؛ لتستنفد قواهم ويبقون ضعفاء طوع يديها :-

ذاك عرس كان حلمًا مسبقًا
فهنيئًا ببنين ورفاء
هذه البكر لها أمجادها
من قديم الدهر عز وإباء

نلاحظ هنا وصف أوليفيا بالبكر رغم أنها متزوجة من إرنستو ..ولكن يدل ذلك على قلب الحقائق ..وتزييف التاريخ
ليكون لهم الحق الأول ..

في الفصل الثاني “مخاض” وهو بؤرة الأحداث “
تظهر على (أوليفيا ) علامات المخاض فقد كانت حاملًا من زوجها (إرنستو )..تحدث أوليفيا نفسها في حوار ذاتي يعكس الألم والمرارة والمعاناة :-

ها أنا تمشي الهويني رجفتي
تتداعى بين ذل ورجاء
بعد ذبح الروح مني ترتجي
من بقاياها صمودًا للعزاء
ودمائي بين أهلي حقها
يسأل الثأر بأيدي الشرفاء

تنجب أوليفيا توأم بنت (إيرين) وولد (إيليا ).. و تمر السنون و هنا يبدأ الحوار في محاولة للوصول إلي الحقيقة ..فيتساءل إيليا عن أبيه الحقيقي فيقول :-

ليس مايير أبانا إنه
يحمل الغل ويسعى بالعداء
من أبونا أمَّنا ؟ قولي لنا
خبِّريني وارحميني من شقاء

يكبر الطفلان وتتصاعد الأحداث حيث يغتصب مايير إيرين ويقتلها ..

وأثناء دفن إيليا و أوليفيا لجثمان إيرين بحديقة القصر ، وعند ضرب الأرض بالفأس يجدان عظامًا كثيرة بالية وكأنهما قد اصطدما بمقبرة جماعية ،لتكتشف أوليفيا أن أباها و رجال عائلتها جميعا قد قُتلوا و دفنوا جوارها في حديقة القصر و تستدل على رفات أبيها من خاتم حديدي يلمع نقشه بين التراب باسم أوليفيا لتتأكد أن مايير هو من قتل والدها الشيخ ؛ ليستولي على هذا الخاتم الحديدي الذي كان بمثابة صك الملك الحقيقي للأرض ..

هنا يزداد تصميم إيليا على الثأر ..
ويتم القبض على أوليفيا وإيليا ويودعان حبيسان في القبو في انتظار إشارة لقتلهما
وفي الفصل الثالث ..
تبدأ الأحداث في التكشف ويعود المنحنى للهبوط ..
ويظهر الغدر والخيانة من جانب (بانثر) ..الذي يسخر من عناد( أوليفيا )..كما يظهر حقده عليها؛ لأنها فضلت عليه أخيه (إرنستو)
لكن (فيكتور ) المخلص يحاول مساعدة (أوليفيا) وأثناء محاولات الإنقاذ يعثرون على إرنستو زوج أوليفيا حبيسا في القبو سنوات طوال :

يا إلهي ذاك إرنستو أرى
التقيته بعد يأس في لقاء
يحضن الإبن أباه مثلما
يحضن المخنوق أنسام الهواء

يعرف (إرنستو ) ما حدث لإيرين فيزداد ألمًا ..لكنه يصمم على الخلاص و الإنتقام ..

في المشهد الآخير من النص المسرحي
يقتل إرنستو مايير .. ويدل هذا على الانتفاضة وأن الثأر لا يُنسى ..عودة الروح .

فأس (إرنستو) يقاضي رأسه
رأس (مائير ) ويعلوه اعتلاء
هنا:
تسقط العمة (صوفي )عقلها
تــائهٌ بين جنونٍ ورثاء ..

هنا تأتي الخاتمة ..
في نداء للوحدة بين المسلمين والمسيحيين لاستعادة الأرض ..إن روح إيرين تمثل روح الشهداء ، روح السلام

روح إيرين تصلي بينهم
تسأل الكون سلامًا ونقاءْ
تحمل الإنجيلَ نورًا الهدى
تحمل القرآن للكونِ شفاءْ
——–
**استطاعت الشاعرة ..أن تمزج بين العاطفة والفكر ، وأن تخرج الحوار فى إيجاز وبلاغة ولغة شاعرية ..وفي ترابط ومشهدية ..
فجاء العمل متكاملًا من الناحية الفنية والأسلوبية ، يعتمد على رمزية الأشخاص والبعد التاريخي والاستمرارية الواقعية ، والاتساق البنيوي ، والتناغم والحركة والحيوية .
مما جعل النص يؤثر في القارئ ويتماس معه ..
النهاية تحمل الانفراج والأمل..والبعد السوسيو درامي..
لهذا حقق العمل الإبداع على المستوى الشعري والإتقان على المستوى المسرحي …
———-؛؛؛؛؛———-
**توصية :-
ركزت الشاعرة على الشعر المسرحي لذلك لم تهتم بالديكور أو الملابس ،أو الإضاءة وغيرها ..لذلك نهيب بمخرجي المسرح ..تحويل هذا الشعر المسرحي إلى مسرحية شعرية تمثل على خشبة المسرح ..فهو عمل توعوي سيسو دارمي
جدير بهذا ..
تحياتي / أسامة نور

التعليقات مغلقة.