موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

حنجرة صائتة.بقلم.محمد أبو الفضل سحبان

183

يضرب “علوش” رجلا برجل من شدة التعب، بعد يوم من أيام الجحيم الستة..وككل مرة يتعثر؛ يقوم ويقوم صبح جديد..
أيامه تشبه بعضها عدا بعض الجزئيات المخفية؛ فهو لم ينم إلا في وقت متأخرا جدا، وقد قضى يومه السالف كسائر سنين عمره في نفض الكيس المحبَّب على الأرض، وعصره لسلخ الجلود الميتة في تلك الصالة الحامية؛ يدنس أجواءها الصُّنَانُ المنبعث من بواطن المناكب، ويصدع الآذان صوت السطول مختلطا بلغط المستحمين.
يجلس اللحظة في المقهى في مكانه المعهود، عين على الهاتف يتصفحه؛ وعين على الشارع يقلبها ذ اليمين وذات الشمال؛ يرقب المارة علها تظهر.يركب رقمها؛ يضع السماعة على أذنه..اليوم يوم راحة..لكن” زنوبة” لا تجيب؛ وأذنه الثانية تتابع حديث جلسائه عما جد في الساحة من غرائب وعجائب، وعن الجرائم الغامضة؛ فهو مستمع جيد للأخبار ومتابع مولوع بالفضائح المُجلجِلة.. وينتقل الحوار العشوائي وسط زوبعة من الأدخنة المتصاعدة من دخان السجائر المحترقة، إلى الحديث عن الكرة المُجنِّنة، وعن جديد البطولات وأرباح اللاعبين الفلكية؛ قبل أن يدخل”الجوك” متبخترا تفوح منه رائحة عطر نسوي،وعلى رأسه قبعة فيدورا حمراء تغطي عينيه نظارة ميتافيرس يحرك يديه في الخواء، وكأنه يضغط بهما على الريح، يشير للنادل لعصر قهوته المعهودة؛ ثم يلج من غير استئذان في موضوع المطربة ذات الصفير الأنثوي الجذاب التي تقاطرت عليها ملايين الاعجابات، ومعها العملات الالكترونية والهدايا السخية، وفي يده أحدث صيحة من صيحات هواتف الآيفون، يطلعهم على أحد فيديوهاتها المسربة؛ وهي تحلق شعر رأسها في إحدى السهرات وترمي به للجمهور الخاص جدا عرفانا بجميله، وسمو الجالسين في الصفوف الأمامية يتخاطفونه، ويتنافسون أيهم سيشتت أكبر قدر من المال عليها؛ فخصلاتها الرقيقة تذكار حي عظيم لا يقدر بثمن..
ينزع ” الجوك” النظارة العجيبة، ويخرج من جيبه شعيرة شقراء..
يسألونه في ذهل وفي وقت واحد : هل هي للمطربة؟.
مبتسما : هذه لقطتي ” مينوش” التي أحبها كثيرا..
ينتش” علوش” شعره ويستطرد؛ وإذا قلت لكم إنني أمول أجود منها على ايقاع فرقعة أصابعي..
وأرقص فوق الماء المعكر بالصابون المائع، على صفيح ساخن أفضل من كل الرقاصة؛ وعلى رأسهم، ذلك الحيوان البرمائي عديم الرئة- يقصد مالك الحمام- “كحلوش” الملقب ب”السمندر” الذي لا يجاريه أحد غيري في هذا الفضاء الحار؛ حتى أنه كان يقول لي من دون تبريك : أنت تملك رئة تمساح، وقلب دلفين، لقدرتي على البقاء في ذلك الصهد الخانق لساعات طويلة دون أن يغمى علي أو أختنق… فأنا اعتدت على شق عباب الأبخرة المضببة على مدار الساعة بعينين ترهقهما الظلال الهلامية على ضوء خافت ساتر للخلاعة، لأملأ الدلاء المطاطية الكحلية بالماء المغلي من البرمة الحميمة؛ وأتقافز بسيقان رقيقة وقد معروق؛ في حركات بهلوانية ماهرة بين أجساد ممدة على الأرضية السخينة، تكمد عظامها وتطرح سمومها ، استعدادا للبدء في التطهير الشامل، أتصبب عرقا وترشح الملوحة من مسامي المصهودة بسخاء؛ قبل الفيض الكبير الذي يغمرني وأنا جاث على ركبتي مَصْليّا أفرك الجثة السافرة المُشبَّحة أمامي من أعلى زغبة في رأسها إلى أدنى أصبع في قدمها…
طبعا لن تصدقوني ..ولا مجال لمقارنة الباس الغليظ بالسوبرانو الضعيف، فالفرق شاسع من حيث النفس والرخامة والقوة…وهل نقيق العلجوم كصرير السحلية؟! .. المطربة تتخفى وراء الفرقة الموسيقية مستعينة بالمحسنات الصوتية عالية الجودة..أما أنا فأدندن الصولو عاريا في الحمام المحتدم، وسط عجعجة الزبائن ومن دون مؤثرات، عدا الكورال الذي تردده معي القبة والحيطان النديانة..

وهل لك شعر كشعرها السرياح يا علوش؟
وقبل أن يصمتوا بالمرة؛ بعد بدء مسابقة الخيول المنقولة على المباشر في شاشة البلازما الكبيرة الملصقة على الحائط :
..تعالى صوت ضحكاتهم الهستيرية ههههه….هههههه..
.عاد قهرا في اليوم الموالي إلى بيت النار؛ وقد فشل الحصان الذي راهن عليه في الدخول أولا…!
كانت نظرات ذلك البدين الذي يراه لأول مرة تخترقه وهو عار لا يستر عورته كما يجب :
يسأله : هل من خدمة؟
شكرا أنا في انتظار الكسال الخاص بي…ألا يوجد لديكم من يُدلِّكني….ا

هذا حمام تقليدي يا سيدي، هناك مراكز للتدليك غير بعيدة من هنا.
قد رحت للكثير منها … أنا لا أرضى أبدا أن تدعكني ضفدعة ناعمة الملمس…
دخل في تلك اللحظة رجل أسود عريض الكتفين يدعوه صاحبه ب”بالالا” ينتعل قرقابا خشبيا، وفي يده دلوان نحاسيان، أحدهما مليء بالبرتقال، والثاني به أغراض الغسل والتنظيف وجعل يصففها :
خرق خشنة وأخرى ملساء، شامبو، صابون بلدي، مقص للأظافر،شيفرات للحلاقة؛ نتاف لشعر الابط، أمشاط مختلفة ألوانها، مرطبات للشعر، ملينات للجلد، حجر أحرش لنجر الأقدام، إبريق معدني كبير للغرف وآخر أصغر منه للشرب؛ احتل مجمل مساحة الغرفة بمفرده بعد تسييج المكان بالسطول المتدفقة بالماء الساخن؛ انبطح الشحيم أرضا؛ وشرع ” بالالا” في تدهينه بعد طليه بمادة قطرانية سوداء تشبه الزفت؛ ثم جلس على ظهره، وجذب كتفيه بقوة والرجل يئن ويصرخ مستغيثا ويضرب براحته الاسفلت..
اصفر وجه “علوش” وقد فر كل المستحمين؛
لم يسعفه صبره للنهاية.
رمى دربالته فوقه بسرعة؛ ووضع على رأسه شاشيته البالية التي يداري بها صلعته وطار من المكان؛
حلق بعيدا بعدما طلق تلك السُّخْرَةُ الحقيرة لغير رجعة؛ هو الآن شارد يشطح في الطريق،وهائم في الأيام يغرد :
هل من معجبين…..؟!
محمد أبو الفضل سحبان/ المغرب في 28 أبريل 2024

1- الكسَّال : مهنة من يحك جلود المستحمين في الحمامات العمومية ويقشرها من الوسخ العالق بها.(عامية مغربية)
2- الدربالة : ثوب خشن يلبسه الشحاذون( عامية)

التعليقات مغلقة.