عندما زارنى الشيخ في المنام… سامح الشبة
قصة قصيرة :- عندما زارنى الشيخ فى المنام
بقلم / سامح الشبة
1- النهاية الأولى للمنام :-
لأول مرة فى حياته يحس بالخوف والورع … ينتفض من على الكرسى إثر رعشةٍ سرت إلى جسده القوى … يرتعش ” المايك ” فى يده … يتمايل إلى اليمين تارةً وإلى اليسار تارةً أخرى … وإلى أسفل تارة أخرى … حاول أن يثبته على المنضدة الخشبية فلم يفلح فى ذلك … وسقط على الأرضية الرخامية الخضراء .
أحدث دوياًُ فى أركان الاستيديو … وشاعت الفوضى المكان … وانهال المخرج على معد ومقدم البرنامج … بالنصائح … وسرعان ما عاد الهدوء بعد أن نفى ” المايك ” فى غرفة مكيفة لمدة أسبوع مع زوجته !
يتشاجران فيما حدث وقت الظهيرة … كادت تصرخ :-
- لماذا لم تقدم برنامج اليوم ؟
- لقد انتظرتك أن تقابله … ولم يحدث ذلك … لماذا ؟
2- النهاية الثانية للمنام :-
للمرة الثانية فى حياته … أحس بالخوف والورع … انتفض من على الكرسى أثر رعشةٍ سرت إلى جسده الواهن … ارتعشت يداه بعد أن ثبت ” المايك ” على المنضدة الزجاجية … نظر إلى ساعة الحائط … ضبط ساعة يده ثم تفوه:- - الباقى على مقابلته خمس دقائق .
حاول أن يبطئ ارتعاشة يده … حاول جاهداً … تمالك أعصابه … فلم يفلح … انفلت الزمام من أمره … أطاح بيده ” المايك ” سقط على الأرضية الرخامية الحمراء … أحدث دوياً فى مبنى الإذاعة والتليفزيون … انهال معد البرنامج على المخرج …. بالنصائح … وسرعان ما عاد الهدوء بعد أن نفى المخرج عن إخراج هذه الحلقات وإسنادها إلى معد البرنامج .
3- منتصف المنام:-
لا أدرى كم من الوقت مكثته داخل الاستوديو … تقدم الجميع يقدمون للشيخ باقات الورود … كل العاملين … مساعدى المخرج … مديرى الإنتاج … المصورين … الصحافيين … رجال الأعمال … جلسوا جميعاًَ لينصتوا إليه .
صفقت بكفى … انتبه الجميع .
إضاءة … كاميرا خلف الضيف الجديد … كاميرا أمامه … كاميرا فى المنتصف . - كاميرا واحد إلى الأمام .
على جانبى الاستوديو شاشات تليفاز تعكس صورة الشيخ مبتسماً … يرتدى جلباباً بنى … تلازمه مسبحته التى ظلت فى يده – لا يبارحها منذ ثلاثة أيام ! - كاميرا اثنين.
اضطرب معد البرنامج … هدأ الشيخ من ورعه … هرب الخوف . - سيدى … قضية الحمام .
- إن كان طائراً أحل صيده !
بوادر الدهشة تظهر على وجه مقدم البرنامج :- - سيدى … الحمام ؟!
بلا مبالاة :- - نعم الحمام .. إن كان طائراً أحل صيده .
- وإن كان ماشياً ببطء على الأرض ؟
- يطلق عليه بالنار!
- سيدى … الحمام ؟!
- نعم الحمام!
- وإن كان كسيحاً لا مأوى له ولا وطن ؟
- يؤخذ بجناحيه فى الماء المغلى .
- سيدى … الحمام ؟!
- نعم الحمام!
- وإن كان بلا جناحين … سجين فى يد صاحبه ؟
- يحمره فى الزيت!
- سيدى … الحمام ؟!
- نعم الحمام!
- وإن كان….
قاطعه الشيخ … وهم واقفاً :- - من فضلك أين ” التواليت ” ؟!
- كاميرا ثلاثة.
تظهر شاشة تليفاز وضعها معد البرنامج أمام الشيخ ليشاهد مباراة دورى الأمم الكروية .
ظهرت بوادر القلق على مولانا الشيخ … قلق الجميع .
أحرز الفريق المشاكس هدفاً ساحقاً فى مرمى فريق الحمام … بكى مولانا … بكى الجميع .
تقدم فريق الحمام … وها هو اللاعب المحترف يقترب من مرمى الفريق المشاكس … يهلل مولانا الشيخ فرحاً … ويقدم اللاعب المحترف ليحرز هدفاً … اعترضه لاعب مشاكس وعرقله … تخرج الكرة خارج الملعب فى يد الجمهور … صفر حكم المباراة … أخرج الكارت الأصفر للاعب المحترف و … توعده إن حاول إحراز أى هدف سينال شرف الكارت … الأحمر … وسيحرم من متعة اللعب بالكرة وإلحاقه بلعبة العدو لمسافات طويلة !
وتعلن صفارة الحكم إنتهاء المباراة بفوز الفريق المشاكس وتقدمه على فريق الحمام … والحصول على الدورى هذا العام … والعام القادم … وكل عام !
نفس المكان … نفس الإضاءة … نفس الشيخ … نفس الشاشة … نفس مقدم البرنامج … كل شيئ كما هو .
- سيدى ….؟!
- من أراد منكم – أيها الرجال الكهل – إطلاق اللحى فاليطلقها … ومن أراد منكم أن يحلقها ويتخلص منها … فعليكم بالآلات الحادة … أو حرقها بماء النار !
- سيدى ….؟!
- تحب تغير كام ؟!
- سيدى ….؟!
- أنا عايز أقول إن الحلال فى الأغنية دى الفلسفة اللى اتكتبت بيها !
- سيدى … من يأكله ؟!
- الحمير طبعاً اللى انتشروا بطريقة فيثاغورس !
- لا سيدى … بطريقة الجواز !
- جواز … طلاق … المهم إن كله رياضة !
- والعدس ؟!
- العدس قضية من أهم القضايا … الكل يريد العدس … كأن الدنيا لا تستطيع أن تحيا إلا بالعدس!
- سيدى … العدس ؟!
- آسف!
- مونتاج
- العدس من حقنا نحن … ولا يستطيع أحد أن يقتلعه من أرضنا … إنه ملكنا نحن دون غيرنا … فلن نسكت أبداً … وسيرجع العدس لنا مرةً أخرى !
- سيدى … البيت الأبيض .؟!
- عجباً … ما شأن البيت الأبيض بيننا ؟!
- سيدى …. ؟
- بنوك الدم حلال مائة فى المائة … والتبرع هدف إنسانى دعت إليه كل المستشفيات لإنقاذ المرضى و….
- سيدى …..؟!
- آهـ …. آهـ … أتقصد بنك الدم وبنك العظام ؟!
- سيدى …..؟!
- يجب من سرية الأرقام! انفض المجلس … وآن الآوان للانتقال إلى إذاعةٍ خارجية لنقل شعائر صلاة الفجر .
التعليقات مغلقة.