في جهاد الصحابة.. بقلم مجدي سـالمالحلقة / 623 “عبدالله بن عباس بن عبد المطلب”.. “الحبر الفقيه.. ثاني العبدليين” -2
في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم
الحلقة / 623 “عبدالله بن عباس بن عبد المطلب”.. “الحبر الفقيه.. ثاني العبدليين” -2
خامسا.. في حرص ابن عباس على العلم:
(1) روى الحاكم عن عبدالله بن عباس.. قال: “لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لرجل من الأنصار: هلم فلنسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فإنهم اليوم كثير”.. فقال: واعجبًا لك يا ابن عباس! أترى الناس يفتقرون إليك.. وفي الناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من فيهم..
قال: “فتركت ذاك.. وأقبلتُ أسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وإن كان يبلغني الحديث عن الرجل فآتي بابه.. وهو قائل فأتوسَّد ردائي على بابه يسفي الريح عليَّ من التراب فيخرج فيراني”.. فيقول: يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ما جاء بك؟ هلا أرسلت إليَّ فآتيك؟ فأقول: “لا.. أنا أحق أن آتيك”..
فأسأله عن الحديث.. فعاش هذا الرجل الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس حولي يسألوني.. فيقول: “هذا الفتى كان أعقل مني”؛ (إسناده صحيح) ..
(2) قال عبدالله بن عباس: كنت أسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ (سير أعلام النبلاء؛ للذهبي”.. وروى ابن سعد عن أبي سلمة الحضرمي قال: سمِعت ابن عباس يقول: كنت ألزم الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار.. فأسألهم عن مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وما نزل من القرآن في ذلك.. وكنت لا آتي أحدًا منهم إلا سُرَّ بإتياني؛ لقُربي من رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فجعلت أسأل أُبيَّ بن كعب يومًا.. وكان من الراسخين في العلم عما نزل من القرآن بالمدينة.. فقال: نزل بها سبع وعشرون سورة.. وسائرها بمكة؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد) ..
(3) روى عبدالله بن عباس ألفًا وستمائة وستين حديثًا.. وله من ذلك في البخاري ومسلم خمسة وسبعون.. تفرَّد البخاري له بمئة وعشرين حديثًا.. وتفرَّد مسلم بتسعة أحاديث؛ (سير أعلام النبلاء؛ للذهبي) ..
سادسا.. في فقه عبد الله بن عباس رضي الله عنه.. منقول..
(1) روى البخاري عن عكرمة.. قال: أتي علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم.. فبلغ ذلك ابن عباس.. فقال: لو كنت أنا.. لم أحرقهم؛ لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تعذبوا بعذاب الله.. ولقتلتهم؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ بدَّل دينَه فاقتلوه))؛ (البخاري.. حديث 6922) ..
(2) روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان عمر يُدخِلني مع أشياخ بدر.. فقال بعضهم: لمَ تُدخِل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله؟! فقال: إنه ممَّن قد علمتم.. قال: فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم.. قال: وما رُئيتُه دعاني يومئذٍ إلَّا ليريهم مني.. فقال: ما تقولون في ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ﴾ [النصر: 1.. 2] حتى ختم السورة.. فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا.. وقال بعضهم: لا ندري.. أو لم يقل بعضهم شيئًا.. فقال لي: يا بن عباس.. أكذاك تقول؟ قلت: لا.. قال: فما تقول؟ قلت: هو أجَلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه الله له.. ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾ فتح مكة فذاك علامة أجلك ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ [النصر: 3]
قال عمر: ما أعلم منها إلَّا ما تعلم؛ (البخاري.. حديث:4294)
(3) قال أبو صالح: لقد رأيت من ابن عباس مجلسًا لو أن جميع قريش فخرت به.. لكان لها فخرًا.. لقد رأيت الناس اجتمعوا حتى ضاق بهم الطريق.. فما كان أحد يقدر على أن يجيء.. ولا أن يذهب.. قال: فدخلت عليه فأخبرته بمكانهم على بابه.. فقال لي: ضع لي وضوءًا.. فتوضَّأ وجلس..
وقال: اخرج وقل لهم من كان يريد أن يسأل عن القرآن وحروفه وما أراد منه فليدخل.. فخرجت فآذنتهم.. فدخلوا حتى ملأوا البيت والحجرة.. فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به.. وزادهم مثل ما سألوا عنه أو أكثره.. ثم قال إخوانكم فخرجوا..
ثم قال اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن تفسير القرآن وتأويله.. فليدخل.. قال فخرجت فآذنتهم.. فدخلوا حتى ملأوا البيت والحجرة.. فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به.. وزادهم مثل ما سألوه عنه أو أكثر.. ثم قال: إخوانكم.. فخرجوا..
ثم قال: اخرج.. فقل: من أراد أن يسأل عن الحلال والحرام والفقه فليدخل.. فخرجت فقلت لهم.. قال: فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة.. فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به وزادهم مثله.. ثم قال: إخوانكم.. فخرجوا..
ثم قال اخرج.. فقل: من أراد أن يسأل عن الفرائض وما أشبهها فليدخل.. قال: فخرجت فآذنتهم فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة.. فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به وزادهم مثله.. ثم قال: إخوانكم.. فخرجوا..
.. نكمل غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.