“هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها”… بقلم فتحى محمد علي
“هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها”…
بقلم فتحى محمد علي
“هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها”
تعد عمارة الحياة أجل غاية من خلق الإنسان، وإن حصر الغاية من خلق الإنسان في مجرد العبادة نظرة قاصرة محفوفة بضيق أفق،وعدم دراية بمستويات بلاغة القرآن والسنة
المشرفة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم السلام فضلا عن انعدام فهم لروح القرآن والسنة.
كثيرا مايتذرع محدودو الفهم في هذا المضمار بقوله تعالى:”وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون”
سورة”الذاريات”الآية”56″.
وليت هؤلاء الفصيل يدركون أن القصر بالآية”قصر إضافي”لا”قصر حقيقي”،وأن البون بينهما شاسع،وأن العرب الخلص كانوا يفقهون مستويات الكلام وبلاغته وفق السياق.
فليس الأمر هنا قصر الإنسان على العبادة فحسب؛بحيث يقبع عليها؛فلايأبه بعمارة الحياة.وينصرف عن كل متاع مباح؛لكنه قصر عبادته لله وحده؛فلاينصرف بالعبادة لسواهبصورة أو بأخرىويعضد ذلك ماأعقب المولىسبحانهبه الآية بقوله:”ماأريد منهم من رزق وماأريد أن يطعمون”سورة”الذاريات”الآية”57″.
وإذا كان الأمر على نحو مااتضح؛فحري بكل منا أن يكون له بصمات في عمارة الحياة،وألا يكون ممن عناهم المولىسبحانه:”يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام”سورة”محمد”الآية”12″،وأن يكون سمتهعلى نحو ماقاله أمير الشعراء:
قف دون رأيك في الحياة مجاهدا
إن الحياة عقيدة وجهاد
لقد أكد الباحثون في الحضارة على أن أهم مقومين لها هما الإنسان والوقت؛إلا أنهماللأسف الشديديعدان لدى الدول النامية أهدر قيمتين؛رغم أن المعصومصلى الله عليه وسلمبين أن مما يشدد السؤال عنه يوم القيامة هو العمر.
فعمرنا يعد أمانة أودعها الله فينا كي نحسن استثمارها فيما يعود علينا وعلى البشرية بالنفع.
إنه ضرب من العبث أن يحتفل الإنسان بمرور سنة من سني حياته وهو قد خرج منها صفر اليدين لم يقدم شيئا للإنسانية أو حتى لنفسه وأهله.
قديما سئل شيخ باندهاش ممن رآه يحرث ويزرعوهو مسن:لمن تزرع وأنت مسن؟!
فأجاب الشيخ واثقا:”زرع من قبلنا؛فأكلنا،ونزرع ليأكل من بعدنا”؛فخلد التاريخ قوله الدري.
وكم من أناس ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا هم والعدم سواء وتراهم أول المسارعين للاحتفال بسنة جديدة بعربدة ومجون؛فأين هؤلاء ممن خلد التاريخ أسماءهم بعد رحيلهم لأنهم عمروا الحياة ولم يعطلوا سنة الله في خلق الإنسان.
ولله در أمير الشعراء:
الناس صنفان:موتى في حياتهم
وآخرون ببطن الأرض أحياء
وكل عام وجميعكم بخير.
التعليقات مغلقة.