موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

بطل لا ينسى : لقاء مع البطل محمد مهران قائد قوات الحرس الوطني الشعبي خلال العدوان الثلاثي على مصر 1956 بقلم مهندس أحمد فؤاد الهادي

217

بطل لا ينسى : لقاء مع البطل محمد مهران ـ قائد قوات الحرس الوطني الشعبي خلال العدوان الثلاثي على مصر 1956

بقلم مهندس أحمد فؤاد الهادي

كنت أخطو أولى خطواتي في رحلة التعليم، الحقني أبي بالصف الأول الابتدائي سنة 1956 وهى السنة التي شهدت العدوان الثلاثي على مصر انتقاما من الزعيم جمال عبد الناصر لتأميمه قناة السويس، كانت خطب الرئيس تشعل نارا في صدور المصريين الذين هبوا للزود عن وطنهم دون دعوة أو دعاوى، حتى نحن في مدرستنا الابتدائية كنا نخرج تلقاء نفسنا بمسيرات نعد لها بأنفسنا، فنغطي قفصا من أقفاص الفاكهة الفارغة بقماشة سوداء ونمثل موكب جنازة تحمل نعشا ونحن نهتف: أيدن (رئيس وزراء بريطانيا وقتها) مات في القنال واحنا ولادك يا جمال، لم بوجهنا مدرس أو مدرسة، حماس ووطنية يدب في جذور المصريين بمختلف أعمارهم وطبقاتهم، ونسمع ما يشبه الأساطير عن بطولات شعب بور سعيد، وكيف أن النساء يقتلون جنود الأعداء الهابطين بالمظلات بسلاح لم يكتشف من قبل، إنهم يستخدمون أغطية حلل الطبيخ ويغلبون!

وتزاحم الكبار والصغار للتطوع في الحرس الوطني، واشتعلت الإذاعة بلهيب الأغنيات الوطنية، لم يساورنا شك للحظة واحدة في أننا منتصرون.

كان كل ذلك بالنسبة لصغير مثلي جرعة مكثفة من الوطنية وحب تراب بلدي، لم يتسلل الخوف إلى قلبي، بل كنت وأقراني نتجمع ليلا لنشاهد قنابل الإضاءة التي تلقيها الطائرات ولم نكن ندري ولم نسأل أحدا أين يلقونها، بل كنا نستمتع برؤية تلك التي أسميناها “الفوانيس” ونحصيها، مطمئنون تماما أنه لا خوف علينا من الاعتداء، فهناك من يقاتلونهم ومن يذبحونهم بغطيان الحلل.

في كل سنوات الدراسة التي تلت تلك السنة، كان موضوع الرسم في ذكرى الانتصار هو رسم حرب بور سعيد، فنرسم جميعا الطائرات والمظليين وهم يقفزون منها في طريقهم إلى أرض بورسعيد التي نرسمها وقد احتشد فيها الرجال والنساء والجيش بأسلحتهم المختلفة والتي شملت كل ما يمكن أن يدافع به الإنسان عن نفسه.

صارت بور سعيد عندي حلما، تخيلت أرضها أكثر صلابة من تلك التي أعيش عليها، تخيلت رجالها عمالقة لا يهابون حتى الموت، تخيلت نساءها وحوشا كاسرة متسترة في ثياب آدمية، حتى جاءت الفرصة بعد تسع سنوات كاملة لأزور تلك الدرة عندما نظمت المدرسة الإعدادية رحلة إلى بور سعيد.

كانت عادتنا في الرحلات المدرسية أن يكون مع كل تلميذ مذكرة وقلما ليسجل كل شيء، وهكذا فعلت، دونت مواعيد القطارات والمحطات التي مر بها القطار من القاهرة حتى بورسعيد، وأسماء المدرسين المرافقين، والطعام الذي تناولناه والأماكن التي زرناها بكافة البيانات التي أتيحت لي عنها، ووصف الشوارع والناس وملابسهم، حتى توجهنا لزيارة متحف النصر الذي أعتقد أن الكثيرين لا يعرفونه، والذى كان البطل محمد مهران مديرا له، وشرفت بلقائه والسلام عليه وذلك يوم 1/4/1965، وقد سجلت هذا اللقاء بقلمي في المذكرة التي أرفق لكم صورة لصفحتين منها مع مقالي هذا حتى يدرك الجميع كيف كان التلميذ في الصف الثالث الإعدادي وقتها وكيف كانت المدرسة والمدرسون.

وإليكم اللقاء بنفس نصه كما نشرته في مجلة الحائط بالمدرسة منقولا من مذكرتي العتيقة:

شرفت بلقاء البطل وجها لوجه في مكتبه الذي تزينت جدرانه بصورتين كبيرتين للرئيس الراحل جمال عبد الناصر والمرحوم المشير عبد الحكيم عامر، وعلى منضدة صغيرة في أحد الأركان وضع جهاز تسجيل ذو الشرائط الكبيرة، وباقي المكان تشغله مقاعد وثيرة للزائرين، والبطل يجلس شامخا إلى مكتب فخم من الطراز العربي وعيناه تخفيهما نظارة داكنة والسلام الذي يعلو ملامحه يملأ المكان بالطمأنينة والزهو والفخر.

عندما قدمت له نفسي شعرت أنه يراني، فقد كست الابتسامة وجهه وفاض بشاشة وهو يرحب بي ويشجعني عندما علم بأنني أرغب في حديث معه لأنشره في صحيفة المدرسة، طلب منى الجلوس وقال لي: دعني أحكى لك دون أسئلة منك ثم اكتب بالطريقة التي تفضلها، فكتبت كل حرف نطق به ونشرته دون تعديل أو حذف أو إضافة، قال:

أولا مرحبا بكم في بور سعيد، والفرد مادام مؤمنا بالله فإنه يبذل كل شيء حتى روحه في سبيل إيمانه، والشخص المؤمن بالرسل برضه بيدافع عن عقيدته حتى ولو بروحه، كذلك الوطن أعز شيء للإنسان وواجب علينا جميعا إننا نؤدي الضريبة اللي فرضت علينا في سبيل حرية أرضنا وسلامتها.

أما بالنسبة لأعمالي فكل واحد بيعمل عمل حتى ولو كان كويس وينتظر عليه شكر فده مايكونش إنسان، وأنا كان نصيبي عندما قسمنا المنطقة إني أقود الحرس الوطني في منطقة الجميل، فعملت ستار عبارة عن منارة وأخدت أفتح نيراني على الأعداء حتى كبدتهم خسائر هائلة من الأرواح والعتاد وبعدين حضر للمنطقة قائد إنجليزي في طيارة هليكوبتر فانتظرنا حتى هبطت الطائرة وفتح الباب ففتحت مدفعية 2 ولكن لم أستكفى ففتحت عليهم نيران مدفعية 3 فاضطر القائد إنه يركب الطيارة ويهرب، واستمريت هكذا حتى إني في يوم عند نزول أول فرقة من الهابطات وكانت حوالى عشرين جندي أبدتهم عن آخرهم، واستمريت في القتال حتى أصبت بأول رصاصة في رأسي (وهنا خفض البطل رأسه ورأيت أول وسام شرف حصل عليه في المعركة) وأغمى على لمدة سبع ساعات فقت بعدها وجدت نفسي في وسط حراسة شديدة إنجليزية، ثم دخلت وعين لي جندي حراسة وعندما جلست ضربني برجله فقمت بخفة وبحركة يابانية من التدريب طبعا ورميته على الأرض ولما حاولت الفرار ضرب بقنبلة مضادة للأشخاص وأصابني في رجلية (ورفع قدماه ورأيت الوسام الثاني) فأغمى على لمدة ثلاثة أيام أفقت بعدها لأجد نفسي في مكتب القائد الإنجليزي الذي أخذ يستفزني فيقولى:

  • اسمك أيه؟
  • محمد مهران.
  • فدائي طبعا. . فين مقر القيادة بتاعتكم؟
  • ملناش قيادة.
  • عدد الأفراد اللي اشتركوا معاك كام؟
  • معرفش ..أنا وحدى.
  • يعنى موش عايز تقول عن حاجة.
  • لأ . أنا بدافع عن أرضى مش أرضكم وأنتم المعتدون وليست أرضكم وأنا لا أدافع عن أرضكم.
  • ومارأيك في الجنرال فولان الذى أصبت عينه برصاصك؟
  • أنا بدافع عن أرضى ومن أجل حريتي وليست أرضكم، وتسلب عينك فأنا صاحب الأرض وأنتم المعتدون.
  • أحنا هانسلبك أنت عين من عنيك.
  • لأ .. خدوهم الاتنين .. دي أرضى مش أرضكم.

وبعدين نقلت لقبرص حيث أجريت لي أبشع عملية في التاريخ وهي عملية نزع البصر وقبلها دخلت إلى الطبيب الذي سيقوم بالعملية فقال لي: ممكن نترك لك عين لو تساهلت، فقلت: لا.. أنا أفقد روحي ولاأفقدش ذرة من تراب وطني، وأصريت على رأيي،، ونزعت عيناي بالفعل وعدت إلى القاهرة.

رحل البطل إلى الرفيق الأعلى يوم 10/5/2021

ليتكم تبحثون وتنقبون في جعبة الوطن عمن ضحوا وقدموا أرواحهم دون منة ولا انتظار لمقابل سوى الوفاء بعهد الله.

يقول تعالى: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾

التعليقات مغلقة.