موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

سيرة النبى محمد صلى الله عليه وسلم ( الجزء الخامس )

207

سيرة النبى محمد صلى الله عليه وسلم ( الجزء الخامس )


بقلم / محمــــد الدكــــرورى

عن أم أيمن قالت: كانوا في الجاهلية يجعلون لهم عيدا عند بوانة، وهو صنم من أصنام مكة تعبده قريش وتعظمه وتنسك أي تذبح له وتحلف عنده، وتعكف عليه يوما إلى الليل في كل سنة، فكان أبو طالب يحضر مع قومه ويكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحضر ذلك العيد معه فيأبى ذلك .

وقالت: حتى رأيت أبا طالب غضب عليه ورأيت عماته غضبن عليه أشد الغضب وجعلن يقلن: إنا نخاف عليك مما تصنع من اجتناب آلهتنا وما تريد يا محمد أن تحضر لقومك عيدا ولا تكثر لهم جمعا فلم يزالوا به حتى ذهب معهم، ثم رجع فزعا مرعوبا، فقلن: ما دهاك؟ فقال: إني أخشى أن يكون بي لمم ، أي لمة وهي المس من الشيطان .

فقلن: ما كان الله ليبتليك بالشيطان وفيك من خصال الخير ما فيك، فما الذي رأيت؟ فقال: ” إني كلما دنوت من صنم تمثَّل لي رجل أبيض طويل يصيح بي: ” وراءك يا محمد لا تمسه “، قالت: فما عاد إلى عيدهم حتى تنبأ صلى الله عليه وسلم .

وكان صلى الله عليه وسلم مميزاً في شبابه كما هو مميز في طفولته وصباه، فقد برزت فيه أسمى الصفات الخلقية حتى إن قريشاً لقبته بالأمين، وكانت تضع عنده أماناتها، فلما كانت هذه حاله في قومه فقد جذبت هذه الخصال إليه سيدة قريش وصاحبة التجارة والمال فيهم خديجة بنت خويلد، فأوكلت إليه الاتجار في مالها .

فكان نعم التاجر الأمين فجرى على يديه لتجارتها نمو كبير، فلما رأت همته وصدقه وأمانته وخصاله الحسنة عرضت عليه الزواج من نفسها وهي بنت الأربعين وهو ابن الخامسة والعشرين فأجابها وتم الزواج، وبقى معها زوجاً وفياً حتى بلغ الأربعين من العمر.

وكان عليه الصلاة والسلام طويل التأمل، والتفكّر، حيث كان يطالع بعقله أحوال الحياة، وأحوال الناس، وكان يشاركهم بكل ما هو حسن، وبغير ذلك، فقد كان يعود إلى عزلته، ولما اقترب عليه الصلاة والسلام من سن الأربعين زاد حبّه للخلاء والعزلة، فكان يذهب إلى غار حراء، ويأخذ السويق، والماء، ثم يأخذ أهله معه .

وكان يقيم شهر رمضان كاملاً، ويقضي هناك وقته في التفكّر فيما حوله من مشاهد الكون، وفيما وراءها من قدرة مبدعة، وعند الأربعين في السنة الثالثة من عزلته في غار حراء في شهر رمضان المبارك نزل عليه الوحي، جبريل عليه السلام، وبعدها بُعث عليه الصلاة والسلام وحمل رسالة الإسلام.

وكان أعظم ما مر به مع قريش قبل النبوة، أن قريشاً أرادت أن تعيد بناء الكعبة بعد أن تهدم جزء منها ففعلت حتى إذا بلغت موضع الحجر الأسود، وهو حجر معظم فيها اختلفت قريش فيمن يكون له شرف وضع ذلك الحجر في موضعه واشتد خلافهم حتى أوشكوا أن يفتتنوا، إلا أنهم رضوا برأي من أشار عليهم بتحكيم أول مارّ بهم .

فكان أول من مرّ بهم هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، فلما رأوه هللوا جميعاً فرحاً : رضينا بالأمين حكماً ، فعرضوا عيه الأمر، فطلب منهم ثوباً وضع عليه الحجر الأسود وطلب من كل فريق أن يرشح واحداً منهم، فرشحت كل قبيلة واحداً منها، وطلب منهم أن يأتوا فيرفعوه جميعاً، حتى إذا بلغوا به موضعه من الكعبة أخذه هو صلى الله عليه وسلم فوضعه في مكانه، فازداد بهذا الحدث ذكره عند قريش وغيرهم .

وحياة الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام منذ ولادته حتى وفاته، حياة مشرّفة، مليئة بالكدّ، والكفاح، والدعوة، والجهاد، حتى قبل أن يُبعث نبياً، فقد كانت شمائله عليه الصلاة السلام عنواناً له، لما عُرف عنه من الأمانة، والصدق، والحلم، والتعقل، والحكمة، والرأي السديد، ولم يُعرف عنه طيلة حياته خلقٌ سيئٌ، بل كان مثالاً يُحتذى للأخلاق الفاضلة والحميدة .

فقد كان قدوة في كل شيء، كان الأب، والمعلم، والصاحب، والواعظ، والقائد ، وقد عاش الرسول عليه الصلاة والسلام حياة متكاملة، كرّسها للدعوة إلى الله عز وجل، حتى انتشر الإسلام، وجاء النصر العظيم، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، فكانت عليه الصلاة والسلام حياته كلها دعوة وجهاد في سبيل الدعوة إلى الله عز وجل، ولم تكن حياته لنفسه، لم يكن ليفكر بنفسه، وشهواته، وأهوائه .

بل كانت حياته لرسالته الشريفة، وهي الدعوة إلى الإسلام، التي لم تأتِ بسهولة، بل كان طريق الدعوة طريقاً صعبة، وقد عاداه في حياة الدعوة أهله، وعشيرته، ولقي منهم جميع صنوف العداء والتعذيب القوليّ، والفعلي، فكيف كانت هذه الحياة؟ وكيف عاشها عليه الصلاة والسلام؟

وكان عليه الصلاة والسلام أفضل الناس مروءةً، وخلقاً، وجواراً، وحلماً، وكان أصدقهم حديثاً، كما كان عفيفاً، كريماً، باراً، وفيّاً، قوياً، أميناً، حتى سمّاه قومه الأمين ، ولم يكن يشرب الخبر، ولا يحضر للأصنام والأوثان عيداً، وكان ينفر من تلك المعبودات الحقيرة، المعبودات الباطلة، ولم يكن يصبر على سماع الحلف باللات والعزى.

ولقد حفظ الله عز وجل الرسول عليه الصلاة والسلام في شبابه من كل سوء، حيث ورد عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: “ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون غير مرتين، كل ذلك يحول الله بيني وبينه، ثم ما هممت به حتى أكرمني برسالته، قلت ليلة للغلام الذي يرعى معي الغنم بأعلى مكة: لو أبصرت لي غنمي حتى أدخل مكة وأسمر بها كما يسمر الشباب .

فقال: أفعل، فخرجت حتى إذا كنت عند أول دار بمكة سمعت عزفاً، فقلت ما هذا؟ فقالوا: عرس فلان بفلانة، فجلست أسمع، فضرب الله على أذني فنمت، فما أيقظني إلا حرّ الشمس، فعدت إلى صاحبي فسألني، فأخبرته، ثم قلت ليلة أخرى مثل ذلك، ودخلت بمكة فأصابني مثل أول ليلة، ثم ما هممت بسوء”.

وكان زواجه من خديجة رضي الله عنها: في الخامسة والعشرين من عمره خرج تاجراً إلى الشام بمال خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وبعد عودته رأت خديجة ما حل بمالها من البركة، وما كان من أمانته عليه الصلاة والسلام، فأعجبتها شمائله، وفكره الراجح، ومنطقه، فتحدثت بذلك لإحدى صديقاتها، التي أخبرت الرسول عليه الصلاة والسلام بزواجه من خديجة .

فرضي الرسول ذلك وتزوجها، وكانت حينها رضي الله عنها في الأربعين من عمرها، وهي أول زوجة له، ولم يتزوج عليها غيرها، إلا بعد أن توفاها الله عز وجل، وأنجبت له جميع أولاده باستثناء ابنه ابراهيم، حيث كان له منها كل من (القاسم، وزينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، وعبد الله).

وعاش عليه الصلاة والسلام كل حياته منذ تبلغه الرسالة في سبيل الدعوة إلى الله عز وجل، حيث ظل قائماً أكثر من عشرين سنة، ولم يسترح، ولم يعش لا لنفسه، ولا لأهله، بل عاش في سبيل الدعوة إلى الله، وحمل على كاهله عبء هذه الأمانة الكبرى، عبء البشرية، والعقيدة، والكفاح .

ولم يكن يلهيه أي شيء آخر عن تلك الأمانة، والرسالة العظيمة ، وأن حياته عليه الصلاة والسلام كانت كلها دعوة لله تعالى، ولكن الدعوة كانت في أوجها منذ البداية وتحديداً في مكة، لأنه بعد أن انتقل عليه الصلاة والسلام إلى المدينة اتخذت الدعوة شكلاً، ومساراً آخر، واختلفت حياته في المدينة، عما كانت عليه في مكة .

التعليقات مغلقة.