شحوب المنهج التربوي … بقلم إلهام عيسى
صحيح أن معالم العالم تغيرت وفقًا لتغيرات الزمن وما تعكسه التقنيات من طريقة أداء سلوك شخصي وكذا مجتمعي، وما يتجلى منه على أرض الواقع ولو بنسب متفاوتة، إلا أن النظرة إلى قدسية المعلم -ذلك المعلم الذي كانت تتشرف الرموز العالمية بإطلاق تسميته عليه- قد ظل وما زال خلال ألفين وخمسمائة سنة لقب المعلم أرسطو يلتصق بصفة حسنة بكل من كان جديرًا، ويحمل أنموذجية التعليم بشقيها المعرفي والتربوي. وكذا العالم د: علي شريعتي الذي نودي بالمعلم حتى كبر وعظم من خلاله.
إلا أن المجتمعات العربية عامة تكاد تكون متشابهة بانخفاض نسب الاحترام المتبادل ما بين المعلم وطلابه الذين كان بالنسبة لهم أبًا ثانيًا، بل روحيًّا، يتعلقون به طوال تجاربهم ومسيرتهم الحياتية، أو بالنسبة للطلاب وما ينظرون بهيبة ووقار يصعب معها مجرد النظر بعيون معلمهم الذي ترتسم صورته إلى الأبد، وتبقى عالقة مؤثرة في شخصياتهم، وتتجلى من خلال سلوكياتهم الحيايتة ومفرداتها اليومية.
ذاك نتاج مرحلة عمرية وتقنيات حضارية بالتأكيد لها نصيب من تغير نمط العلاقات وفقًا لتغيرات الزمكان الذي يعيشون به.
واليوم يتجلى ذلك من خلال تأثر السوشيال ميديا على معالم وجه التاريخ، وبخاصة الدول العربية والشرقية التي جاء التغير الإعلامي بها من خلال تطورات فرضت خارجيًّا، بل أجنداتيًّا، فيما بقية الدول المتحضرة يعد استخدام السوشيال ميديا على سبيل المثال حدثًا حضارياًّ متقدماً، بل تطورًا طبيعيًّا وتعبيرًا عما يعيشونه في بيئتهم بشكل تدريجي طوعي تدريبي.
أما نحن فقد أسهمت هذه الحرية المزعومة بالانفلات سيما ما يؤجند منها من خلال برامج وتقنيات وجيوش إلكترونية زاحفة تلتهم قيم المجتمع وتضربفي المليان كل ما يعرقل مسيرة الآخر نحو السيطرة والهيمنة.
من هنا ننظر بريبة وشكوك ودهشة إلى ما نسمعه من تعاطٍ بين الطبقة التعليمية والطلاب في بعض المدارس المحلية والإقليمية والعربية التي تأثرت بالمعروض الإعلامي بشكل مثير جعل من العنف الصورة التعبيرية تنمرًا أو تدبرًا كحالة مرضية ينبغي أن ينظر لها بمعيار خاصة، وتعالج وفقًا لبيئتها ومنظورها الأعمق، وليس حصره من زاوية ضيقة كي تأتي النتائج مرضية، وتكون العلاجات مهضومة، وتتوصل إلى نواجع ما نحتاجه في الحياة كسيرة ونموذجية مفترضة للمعلم والطالب.
التعليقات مغلقة.