لصحتك النفسية لا تقلق بشأن الرزق بقلم د . صبحي زُردُق
الرزق لغةً هو ما يُنتفع به من مالٍ أو زرعٍ أو غيرهما ، أو هو المطر ، أو هو ما يدفع إلى الجندي في أول كل شهر ، أما «الرزق الحسن» فهو ما يصل إلى صاحبه من غير تعب وكد في طلبه .
والضواغط العصبية Stressors في علم النفس هى مسببات الضغط العصبي ، و التى يقسمها البعض إلى ثلاث مصادر :
١- ضواغط بيئية Environmental مثل البرودة الشديدة أو الضوضاء المزعجة أو تلوث الهواء بالمواد السامة و الروائح غير الطيبة .
٢- ضواغط جسمانية physical و هى ما يصيب الجسم من نصب أو مرض أو إجهاد أو ألم .
٣- ضواغط اجتماعية نفسية Psychosocial : و هى كل ما نستقبله من أمور على كونها شر أو مكروه ، مثل خبر وفاة عزيز ، احتراق ممتلكات ، و أي مكروه في المال و الأهل و الولد.
و القلق بشأن الرزق ينتمي إلى الضواغط الإجتماعية النفسية ، و بالتالي فإن هذا القلق كباقي أنواع القلق يستطيع أن يُعكر مزاج الإنسان و أن يشعره بضيق الصدر و تسارع الفِكر .. و هو ما قد يسبب للشخص المرض النفسي مثل الإكتئاب أو المرض العضوي مثل تقرحات الجهاز الهضمي و عسر الهضم .
و في السطور القليلة الآتية سوف نستعرض من القرآن و السُنة المطهرة ما يُهدىء من وطأة الخوف من ضيق الرزق لدى البعض و ذلك من خلال تغيير بعض المفاهيم المغلوطة و البُعد عن التفكير السلبي التشاؤمي ببث روح الأمل و غرس الطمأنينة في النفوس من خلال بعض الآيات و الأحاديث المطمئنة و هى طريقة العلاج المُسماة في الطب النفسي ب:
العلاج المعرفي السلوكي Behavioral-Cognitive ..
أولا : الرزق هو من يطلبك .. فقط عليك السعي و الأخذ بالأسباب لتحصيله، فقد جاء في صحيح الترغيب ( إنَّ الرِّزقَ لَيطلُبُ العبدَ كما يطلبُه أجلُه ).
ثانياً : رزقُك قد فُرغ من تحديده و كتابته كما الأجل بالضبط .. فأهدأ و اطمئن .. فقد جاء في صحيح الجامع ( فرَغَ اللهُ إلى كلِّ عبدٍ من خمْسٍ : من عملِهِ ، وأجلِهِ ، ورِزقِهِ ، وأثَرِهِ ، ومَضجَعِهِ ).
ثالثاً : رزقُك لن ينقص و ستناله كاملاً وافياً ، و لكن عليك بالإجمال في الطلب ، فقد جاء في صحيح الجامع (أيها الناسُ اتقوا اللهَ ، و أَجمِلوا في الطَّلَبِ ، فإنَّ نفسًا لن تموتَ حتى تستوفِيَ رزقَها).
رابعاً : فقط عليك بالسعي و التوكل على الله ، و لن يخذلك الله في الرزق أبداً.. ففي الحديث الذي رواه الترمذي (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً) ، كما قال تعالى ( وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) الطلاق ٣
خامساً: قد تكفل الله برزق جميع الدواب و أنت منهم .. فعلام القلق ؟ قال تعالى (وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60) العنكبوت .. قال البغوي : (وكأين من دابةٍ ) ذات حاجة إلى غذاء ( لا تحمل رزقَها ) أي : لا ترفع رزقها معها ولا تدخر شيئا لغدٍ مثل البهائم والطير ( الله يرزقها وإياكم ) أي حيث كنتم..
ويقول بن كثير : ( الله يرزقها وإياكم ) أي : الله يقيض لها رزقها على ضعفها ، وييسره عليها ، فيبعث إلى كل مخلوق من الرزق ما يصلحه ، حتى الذر في قرار الأرض ، والطير في الهواء ، والحيتان في الماء .
سادساً : فقط اتق الله ، فالتقوى منك و الرزق و المخرج على الله، قال تعالى (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) الطلاق ٢-٣ .
فكيف يقلق ..؟
فكيف يقلق من آمن بأن رزقه يطلبه كما يطلب الموت صاحبه، و أن ارزاقنا لن تنقص أبداً ، و أن ربَنا هو من تكفل بإنزال الرزق لجميع الدواب، القوي و الضعيف على حد سواء ..
فاللهم اجعل لنا من اليقين ما يهون علينا مصائب الدنيا .
التعليقات مغلقة.