وظائف المستقبل وحتمية تطوير التعليم العالي
بقلم/ دكتورة نجاة مرعي
بالنظر إلي المستقبل نجد أنه في عام 2040 سنعيش عالمًا جديدًا تنفتح فيه آفاقًا جديدة للتوظيف، وأن التكنولوجيا والثورة الرقمية ستسهم بشكل مباشر في إيجاد تخصصات ووظائف جديدة لم تكن معروفة من قبل، ومن أهم الوظائف المستقبلية التي ستكون متاحة مستقبلاً لأبنائنا وأحفادنا تلك المهن المرتبطة بالروبوتات، والبيانات الضخمة، وأنظمة الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، الحوسبة السحابية، والطائرات بدون طيار نظراً لزيادة انتشارها في عام 2040، وأيضاً ستظهر وظائف جديدة أخري مرتبطة بالسيارات ذاتية القيادة، وتكنولوجيا البلوكتشين، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والعملات الرقمية المشفرة، وقطاع الفضاء، توليد الطاقة عن طريق الاندماج النووي، والطب الجينومي، أنظمة التنقل الذكي عبر الانابيب “الهايبرلوب”، تكنولوجيا إنترنت الأشياء والمنازل المؤتمتة، أنظمة التعلم الذكي القائمة علي الروبوتات التعليمية المدعومة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، واللوجستيات، ووظائف الصحة الشخصية وغيرها من التخصصات المطلوبة في المستقبل.
وتطوير التعليم العالي أصبح ضرورة حتمية لتحقيق التنمية المستدامة، وحالياً لا يفي التعليم بصورته التقليدية متطلبات التنمية المستدامة للأجيال الحالية والمستقبلية لأنه يعتمد على التلقين والحفظ، وبالتالي تتلاشى قدرته على إيجاد مستقبل أفضل لمجتمع مستدام، فالإحصاءات العالمية تؤكد اختفاء 45% من الوظائف خلال 25 عاماً القادمة نتيجة التطور التكنولوجي ووجود فجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل. لذا يجب على الجامعات مواكبة التغيرات المعرفية والتكنولوجية، وتطوير نظم التعليم الأكاديمية لتستطيع مواجهة تحديات المستقبل والاطلاع على احتياجات سوق العمل المستقبلي ليساعدها في اختيار وإعادة توجيه برامجها وتخصصاتها النوعية بشكل سريع ومستمر أي تطوير المناهج لخدمة مجالات العمل. توجيه الطلاب نحو الخيارات الوظيفية والمهنية المناسبة، وإعادة التأهيل ومرونة التنقل بين المسارات التعليمية، مع تطوير أساليب واستراتيجيات التدريس كالتعليم بالاستفسار والتحليل، التعليم المبرمج، التعليم بالتقييم المناسب، التعليم بحل المشكلات، التعلم خارج الفصول، التعليم التعاوني، التعليم المدمج، وغيرها. وكذلك يتطلب الإصلاح الأكاديمي طويل الأجل وجود أهداف واضحة ورؤية محددة للإدارة الاكاديمية، وتحقيق الريادة في البحث العلمي وخدمة المجتمع، وتطوير أساليب التقويم، وتحسين الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية لأعضاء هيئة التدريس والحرية الأكاديمية مع تكثيف ورش العمل المخصصة لهم لتنمية وتطوير خبراتهم التدريسية وزيادة المعرفة، مع وضع قواعد لزيارات الباحثين من الخارج للمشاركة في الدراسات التي تجريها الجامعات، وتشجيع البحوث المشتركة بين أعضاء هيئة التدريسية والباحثين في الجامعات الاجنبية.
ولان تطوير التعليم هو مشروع مصر القومي، لذا علينا تسخير التكنولوجيا الحديثة ومواءمتها لخدمة العملية التعليمية بهدف تخريج الكفاءات المتخصصة في كافة المجالات، وتطوير المنظومة التعليمية لتوفير تخصصات جديدة نوعية حيوية ملائمة للغد لأنه أصبح حاجة ملحة للجامعات المصرية المعاصرة مع الغاء أي تخصصات لا يحتاج إليها سوق العمل، وذلك من خلال إدخال تحسينات طويلة الأجل على مكونات العملية التعليمية والاستفادة من الخبرات العالمية والتكنولوجية بأكبر قدر ممكن لتحسين نوعية الحياة بهدف بناء الشخصية وتطوير المواهب وخدمة الأجيال الحالية والمستقبلية التي تتميز بالمعرفة والابتكار والريادة بهدف دفع عجلة التنمية المستدامة، وتلبية احتياجات ودعم سوق العمل المستقبلي من خلال إعداد خريجين قادرين على المنافسة في السوق المحلية والدولية وفقاً رؤية مصر 2030.
التعليقات مغلقة.